295

Tafsīr al-ʿUthaymīn: al-Aḥzāb

تفسير العثيمين: الأحزاب

Publisher

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Edition

الأولى

Publication Year

١٤٣٦ هـ

Publisher Location

المملكة العربية السعودية

Genres

قوله تعالى: ﴿زَوْجَكَ﴾ المُراد بها: زينبُ بنتُ جَحْشٍ ﵂، وكان زَيدٌ ﵁ قد تَزوَّجها بمَشورة النبيِّ ﷺ، فَجَاء يَستَشيره في طلاقِها، فقال له النبيُّ ﵊: ﴿أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ﴾؛ يَعنِي: لا تُطلِّقْها، وأَمَره بأَنْ يَتَّقيَ اللَّه تعالى: ﴿وَاتَّقِ اللَّهَ﴾، إغراءً له على إِمْساكها، وإن كان الرجُل لم يَفعَل خَطيئةً، لأنَّ الطلاق ممَّا يُباح للرِّجال، لكن من باب الإِغْراء على إِمْساكها.
وقال بعضُ المُفسِّرين: إنه -أَي: زَيدُ بنُ حارِثةَ ﵁ ذكر زَينبَ ﵂ بعَيْبٍ، فقال له الرسول ﷺ: ﴿وَاتَّقِ اللَّهَ﴾ يَعنِي: لا تَصِفْها بالعَيْب، وليس المَعنَى: اتَّقِ اللَّه لا تُطلِّقْها؛ لأنَّ الأصل في الطلاق أنه مُباح.
قال اللَّه تعالى: ﴿وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ﴾، الواو حَرْف عَطْف، ﴿وَتُخْفِي﴾ مَعطوفة على قوله تعالى: ﴿تَقُولُ﴾، يَعني: واذْكُرْ أيضًا إذ تُخفِي في نَفْسِك ما اللَّه تعالى مُبديه، وأَبهَمَ اللَّه تعالى ما أَخفاه، لكنه بيَّن أنه سيُبدِيه، ونَنظُر ماذا أَبدَى اللَّه ﷿:
قال تعالى: ﴿وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا﴾: ﴿مَا﴾ هذه اسْمٌ مَوصولٌ في محَلِّ نَصْب مَفعول لـ ﴿وَتُخْفِي﴾، و﴿اللَّهُ﴾ مُبتَدَأ، و﴿مُبْدِيهِ﴾ خبَرُه، والجُملةُ صِلة المَوْصول لا محَلَّ لها من الإعراب، يَعنِي: تُخفِي في نفسك الذي اللَّه تعالى مُبدِيه، وهنا لم يَقُلْ: وتُخفِي في نَفْسك ما يُبديه اللَّه تعالى، بل قال تعالى: ﴿مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ﴾، فأَتَى بالجُمْلة الاسمِيَّة الدالَّة على الثُّبوت كأن هذا أَمْر لا بُدَّ منه، أي: لا بُدَّ أن يُبديَه اللَّه ﷿، وهذا هو الذي وقَعَ.
ومَعنَى: ﴿مُبْدِيهِ﴾، أي: مُظهِره، وهو مُقابِل لِقَوْله: ﴿وَتُخْفِي﴾، قال تعالى: ﴿وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ﴾ إلَّا أنَّ المُقابَلة اختَلَفَت من حيث الصِّيغة،

1 / 300