263

Tafsīr al-ʿUthaymīn: al-Aḥzāb

تفسير العثيمين: الأحزاب

Publisher

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٣٦ هـ

Publisher Location

المملكة العربية السعودية

Genres

يُكرَه أن يَصوم الإنسان يومَ جُمُعة مُنفرِدًا، بل إمَّا أن يَصوم يومًا قبلَه أو يومًا بعدَه.
وقوله تعالى: ﴿وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ﴾ مُمسِكون عن مَلاذِّهم وشَهَواتهم، عن الأكل والشُّرْب والجِماع وما يَتبَع ذلك، لكن هذه هي الأساسياتُ في المَلاذِّ؛ ولهذا قال اللَّه ﷿ في الحديث القُدسيِّ في الصائِم: "يَدَعُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَشَهَوَتَهُ مِنْ أَجْلي" (^١)، والصِّيام يَدخُل في الصبر، ولكنه عِبادةٌ مُستَقِلَّة بنَفْسه، مُتضمِنٌ الصَّبْر.
وقوله تعالى: ﴿وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ﴾ قال المُفَسِّر ﵀: [عن الحَرام] وهي كلِمةٌ جامِعة، تَشمَل حِفْظ الفَرْج عن الزِّنا، وحِفْظ الفَرْج عن النظَر، وحِفْظ الفَرْج عن العمَل المُحرَّم، الذي هو دُون الزِّنا.
وقد بيَّنَ اللَّه ﷿ مَن يُحفَظ عنه الفَرْج أو مَن لا يُحفَظ فقال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (٢٩) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (٣٠) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ﴾ [المعارج: ٢٩ - ٣١]، فأَعلى شيءٍ يُحفَظ عنه الفَرْج الزِّنا، وهو فِعْل الفاحِشة في قُبُلٍ أو دُبُر، إلَّا أنَّه إذا تَعلَّق بذَكَر سُمِّيَ لوَاطًا واللِّواط أَعظَمُ من الزِّنا، والعِياذُ باللَّه، لأنَّ اللِّواط عُقوبته القَتْل بكل حال، سَواءٌ كان الفاعِل محُصَنًا أم غير محُصَن، لكن بشَرْط أن يَكون مُكلَّفًا، أي: بالِغًا عاقِلًا، فإذا تَلوَّط ذكَرٌ بآخَرَ وهُما عاقِلان بالِغان وجَبَ قَتْلُهما، وإن لم يَكونا محُصَنَيْن.
ولكن كيف يُقتَلان؟
اختَلَفَ في ذلك الصحابةُ ﵃ ومَن بَعدَهم فقيل: يُرجَمان بالحِجارة كالزاني المُحصَن. وقيل: يُلقَيان من أعلى مَكان في البلَد، ويُتبَعان بالحِجارة. وقيل:

(^١) أخرجه البخاري: كتاب الصوم، باب فضل الصوم، رقم (١٨٩٤)، ومسلم: كتاب الصيام، باب فضل الصيام، رقم (١١٥١)، من حديث أبي هريرة ﵁.

1 / 268