Tafsir Al-Uthaymeen: Al-Ahzab
تفسير العثيمين: الأحزاب
Publisher
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٣٦ هـ
Publisher Location
المملكة العربية السعودية
Genres
لها: "لَا عَلَيْكَ ألَا تَسْتَعْجِلي، فتَستَأْمِري أبويك" (^١)، خاف أنها شابَّة صغيرة أنها تَتَعجَّل وتَقول: أُريد الدُّنيا، فطلَب منها ألَّا تَتَعجَّل حتى تَستَأمِر أبوَيْها، يَعنِي: تَستَأْذِنهما، ومعلومٌ أنَّ أبوَيْها لا يُريدان لها أن تَختار الدنيا وزِينتها على اللَّه تعالى ورسوله ﷺ والدار الآخِرة، ولكنَّها ﵂ كان لها على صِغَر سِنِّها نَظْرة بعيدة، فقالت: يا رسولَ اللَّه، أفِي هذا أَستَأْمِر أبويَّ! يَعنِي: هذا أُشاوِر فيه أَبويَّ؟ ! لا، إنما أُريد اللَّه تعالى ورسوله ﵊ والدارَ الآخِرة، ولكن لا تُخبِر نِساءَك بما قلت، قال النبيُّ ﵊: "إِنَّما بُعِثْتُ مُيَسِّرًا لَا مُتَعَنِّتًا وَمُعَنِّتًا، وَأَيُّ امْرَأَةٍ تَسْأَلُني فسَأخْبِرُهَا" (^٢)، لكن كل نِسائه ما سألن، كل امرأة تَقول: إنها تُريد اللَّه تعالى ورسوله ﷺ والدار الآخِرة، فصِرْن على الحال الكامِلة ﵅، على ما كان عليه الرَّسول ﵊ مِن شَغَف العَيْش، وقِلَّة ذات اليَدِ، ومع هذا وفَّقَهن اللَّه تعالى ومَنَّ عليهن، وهذا بلا شَكٍّ من عِناية اللَّه تعالى برسوله ﷺ، أن يَختار له مثل هؤلاءِ النِّساءِ فكان جَزاؤُهن أنَّ اللَّه تعالى قال له: ﴿لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ﴾ [الأحزاب: ٥٢].
فهؤلاءِ النِّسوةُ اللاتي اختَرْن اللَّه تعالى ورسوله ﷺ والدارَ الآخِرة، بعد أن خُيِّرن كان لهُنَّ -مع ما في ثواب الآخِرة- هذا الجزاءُ الدُّنيويُّ، أنَّ الرسول مُنِع مِن أن يَتزَوَّج بعد ذلك بواحدةٍ من النِّساء أو يُبدِّل واحِدةً بامرأة جديدة، ﴿وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ
(^١) أخرجه البخاري: كتاب تفسير القرآن، باب قوله: ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا﴾، رقم (٤٧٨٥)، ومسلم: كتاب الطلاق، باب بيان أن تخيير امرأته لا يكون طلاقا إلا بالنية، رقم (١٤٧٥)، من حديث عائشة ﵂.
(^٢) أخرجه بنحوه مسلم: كتاب الطلاق، باب بيان أن تخيير امرأته لا يكون طلاقا إلا بالنية، رقم (١٤٧٥/ ٣٥).
1 / 208