155

Tafsīr al-Ṭabarī Jāmiʿ al-bayān - Ṭ. Hajar

تفسير الطبري جامع البيان - ط هجر

Editor

د عبد الله بن عبد المحسن التركي

Publisher

دار هجر للطباعة والنشر والتوزيع والإعلان

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م

Genres

إِلَى نَفْسِهِ، وَتَرْكِهِ وَصْفَهُمْ بِأَنَّهُمُ الْمُضِلُّلونَ كَالَّذِي وَصَفَ بِهِ الْيَهُودَ أَنَّهُمُ الْمَغْضُوبُ عَلَيْهِمْ، دَلَالَةً عَلَى صِحَّةِ مَا قَالَهُ إِخْوَانُهُ مِنْ جَهَلَةِ الْقَدَرِيَّةِ جَهْلًا مِنْهُ بِسِعَةِ كَلَامِ الْعَرَبِ وَتَصَارِيفِ وُجُوهِهِ. وَلَوْ كَانَ الْأَمْرُ عَلَى مَا ظَنِّهِ الْغَبِيِّ الَّذِي وَصَفْنَا شَأْنَهُ لَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ شَأْنُ كُلِّ مَوْصُوفٍ بِصِفَةٍ أَوْ مُضَافٍ إِلَيْهِ فِعْلٌ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ سَبَبٌ لِغَيْرِهِ، وَأَنْ يَكُونَ كُلُّ مَا كَانَ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ سَبَبٌ فَالْحَقُّ فِيهِ أَنْ يَكُونَ مُضَافًا إِلَى مُسَبِّبِهِ، وَلَوْ وَجَبَ ذَلِكَ لَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ خَطَأً قَوْلُ الْقَائِلِ: تَحَرَّكَتِ الشَّجَرَةُ إِذَا حَرَّكَتْهَا الرِّيَاحُ، وَاضْطَرَبَتِ الْأَرْضُ، إِذَا حَرَّكَتْهَا الزَّلْزَلَةُ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْكَلَامِ الَّذِي يَطُولُ بِإِحْصَائِهِ الْكِتَابُ. وَفِي قَوْلِ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: ﴿حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ﴾ [يونس: ٢٢] بِإِضَافَتِهِ الْجَرْيَ إِلَى الْفُلْكِ، وَإِنْ كَانَ جَرْيُهَا بِإِجْرَاءِ غَيْرِهَا إِيَّاهَا، مَا يَدُلُّ عَلَى خَطَأِ التَّأْوِيلِ الَّذِي تَأَوَّلَهُ مَنْ وَصَفْنَا قَوْلَهُ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلَا الضَّالِّينَ﴾ [الفاتحة: ٧] وَادِّعَائِهِ أَنَّ فِيَ نِسْبَةِ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ الضَّلَالَةَ إِلَى مَنْ نَسَبَهَا إِلَيْهِ مِنَ النَّصَارَى تَصْحِيحًا لِمَا ادَّعَى الْمُنْكِرُونَ أَنْ يَكُونَ لِلَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ فِي أَفْعَالِ خَلْقِهِ سَبَبٌ مِنْ أَجْلِهِ وُجِدَتْ أَفْعَالُهُمْ، مَعَ إِبَانَةِ اللَّهِ عَزَّ ذِكْرُهُ نَصًّا فِي آيٍ كَثِيرَةٍ مِنْ تَنْزِيلِهِ أَنَّهُ الْمُضِلُّ الْهَادِي؛ فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: ﴿أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى

1 / 198