96

Tafsir Al-Shaarawi

تفسير الشعراوي

Genres

فما دمت قد جئت إلى الدنيا مخلوقا من الله.. فأنت لا محالة سترجع إليه. وهذا اليوم.. يجب أن نحتاط له حيطة كبرى، وأن نترقبه لأنه يوم عظيم.. والحق سبحانه يقول:

يأيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم * يوم ترونها تذهل كل مرضعة عمآ أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد

[الحج: 1-2]. ويقول جل جلاله:

فكيف تتقون إن كفرتم يوما يجعل الولدان شيبا

[المزمل: 17]. إذا كان هذا حالنا يوم القيامة، فكيف لا يكفي مجرد الظن لأن نتمسك بمنهج الله. ونحن نحتاط لأحداث دنيوية لا تساوي شيئا بالنسبة لأهوال يوم القيامة. إن الظن هنا بأننا سنلاقي الله تعالى يكفي لأن نعمل له ألف حساب.

[2.47]

يدعي بعض الناس أن هناك تكرارا للآيات السبع التي سبق فيها تذكير بني إسرائيل. نقول: لا. لم تتكرر هذه الآيات.. وهي قوله تعالى:

يابني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم وإياي فارهبون * وآمنوا بمآ أنزلت مصدقا لما معكم ولا تكونوا أول كافر به ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا وإياي فاتقون * ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون * وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين * أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون * واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين * الذين يظنون أنهم ملقوا ربهم وأنهم إليه راجعون

[البقرة: 40-46]. هذه الآيات السبع كلها تذكر بني إسرائيل برسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذي جاء وصف صفاته وزمنه في التوراة ولتذكيرهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو نعمة إليهم وإلى الناس جميعا. وإذا كان الله قد فضل بني إسرائيل بأن أرسل إليهم رسلا. فليس معنى ذلك أن ينكروا نعمة الله عليهم بالرسول الخاتم. وبما أن أوصاف رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ذكرت في التوراة وطلب منهم أن يؤمنوا به وينصروه فإن عدم إيمانهم به هو كفر بالتوراة. كما أن الإنجيل بشر بمحمد صلى الله عليه وسلم وطلب منهم أن يؤمنوا به. فعدم إيمانهم به كفر بالإنجيل. وقوله تعالى: { اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم } [البقرة: 47] أي اذكروا أنني جعلت في كتابكم ما يثبت صدق محمد صلى الله عليه وسلم في نبوته. والمعنى اذكروا نعمتي بأني فضلتكم على العالمين ممن عاصروكم وقت نزول رسالة موسى. وجعلت منكم الأنبياء. وما دام الحق سبحانه وتعالى قد فضلهم على العالمين.. فكيف يمن عليهم؟ نقول المن هنا لشدة النكاية بهم. فالله سبحانه وتعالى لشدة معصيتهم وكفرهم جعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت. واقرأ قوله تعالى:

ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين

Unknown page