[الأنعام: 121]. وكان الشياطين قبل نزول القرآن يسترقون السمع، ولكن عند بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم امتنع ذلك كله، حتى لا يضع الشياطين خرافاتهم في منهج رسول الله صلى الله عليه وسلم أو في القرآن.. ولذلك قال الحق سبحانه وتعالى:
وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا
[الجن: 9]. أي أن الشياطين كانت لها مقاعد في السماء تقعد فيها لتستمع إلى ما ينزل من السماء إلى الأرض ليتم تنفيذه.
. ولكن عند نزول القرآن أرسل الله سبحانه وتعالى الشهب - وهي النجوم المحترقة - فعندما تحاول الشياطين الاستماع إلى ما ينزل من السماء ينزل عليهم شهاب يحرقهم.. ولذلك فإن عامة الناس حين يرون شهابا يحترق في السماء بسرعة يقولون: سهم الله في عدو الدين.. كأن المسألة في أذهان الناس وجعلتهم يقولون: سهم الله في عدو الدين.. الذي هو الشيطان. واقرأ قوله تبارك وتعالى:
وأنا لمسنا السمآء فوجدناها ملئت حرسا شديدا وشهبا
[الجن: 8].
وأنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا
[الجن: 10]. أي أن الأمر اختلط على الشياطين لأنهم لم يعودوا يستطيعون استراق السمع.. ولذلك لم يعرفوا هل الذي ينزل من السماء خير أو شر؟.. انظر إلى دقة الأداء القرآني في قوله تعالى:
وأنا لمسنا السمآء
[الجن: 8].. كأنهم صعدوا حتى بلغوا السماء لدرجة أنها أصبحت قريبة لهم حتى كادوا يلمسونها.. فالله تبارك وتعالى في هذه الحالة - وهي اتباع اليهود لما تتلو الشياطين على ملك سليمان من السحر والتعاويذ والأشياء التي تضر ولا تفيد - أراد أن يبرئ سليمان من هذا كله.. فقال جل جلاله: { وما كفر سليمان } [البقرة: 102].. وكان المنطق يقتضي أن يخص الله سبحانه وتعالى حكاية الشياطين قبل أن يبرئ سليمان من الكفر الذي أرادوا أن ينشروه.. ولكن الله أراد أن ينفي تهمة الكفر عن سليمان ويثبتها لكل من اتبع الشياطين فقال جل جلاله: { وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا } [البقرة: 102]. إذن الشياطين هم الذين نشروا الكفر.. وكيف كفر الشياطين وبماذا أغروا أتباعهم بالكفر؟.. يقول الله سبحانه وتعالى: { ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر ومآ أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضآرين به من أحد إلا بإذن الله ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق } [البقرة: 102]. ما قصة كل هذا؟.. اليهود نبذوا عهد الله واتبعوا ما تتلو الشياطين أيام سليمان، وأرادوا أن ينسبوا كل شيء في عهد سليمان على أنه سحر وعمل شياطين، وهكذا أراد اليهود أن يوهموا الناس أن منهج سليمان هو من السحر ومن الشياطين. والحق سبحانه وتعالى أراد أن يبرئ سليمان من هذه الكذبة.. سليمان عليه السلام حين جاءته النبوة طلب من الله سبحانه وتعالى أن يعطيه ملكا لا يعطيه لأحد من بعده.. واقرأ قوله تعالى:
Unknown page