Tarjīḥāt al-Samīn al-Ḥalabī – min āya 138 sūrat Āl ʿImrān ilā ākhir al-sūra
ترجيحات السمين الحلبي - من آية ١٣٨ سورة آل عمران إلى آخر السورة
Genres
وذكر الآلوسي أن بعضهم حاول الجمع بين القولين، واستبعد ما ذكره (^١).
٢) أدلة القول الأول في المسألة:
ذكر السمين الحلبي دليل القول بأن المراد تسكين نفس النبي ﷺ عن القلق بشأن الكافرين وخطرهم أن هذا هو المتلائم مع السياق، وذلك من وجهين:
الأول: مناسبة الآية لما قبلها، فإن جو السورة هو في نصرة الإسلام وعزته، وأن الله ناصر أوليائه على أهل الكفر، فأنسب أن تكون الآية من هذا الجانب، وأما المعنى الآخر فإنه مرتبط بالدعوة وما يتعلق بها.
الثاني: في قوله تعالى: ﴿إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئا﴾، فالجملة فيها تعليل النهي عن الحزن، وذلك بنفي حصول الضرر منهم، فدل على أن الحزن بسبب توقع الضرر، ولأن من يرغب في الكفر سريعًا غرضه مراغمة المؤمنين وإيصال المضرة إليهم (^٢).
٣) أدلة القول الثاني في المسألة:
يمكن أن يستدل للقول بأن المراد تسلية النبي ﷺ عن إعراض قومه عن الإيمان مع حرصه ﷺ على دعوتهم أن هذا ما دلت عليه الآيات الأخرى بأن حكمة النهي عن الحزن هي تسلية قلب النبي ﷺ، وردُّ الأمر إلى الله، وذلك في قوله تعالى في الآية الأخرى مثل هذه: ﴿يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ﴾ ثم ذكر أعمالهم، ثم قال: ﴿وَمَن يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا﴾ [المائدة: ٤١]؛ أي إن المراد تسلية النبي وأن ذلك ليس إليه، وإنما أمره إلى الله، ومثله قوله تعالى: ﴿وَمَن كَفَرَ فَلَا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ﴾ [لقمان: ٢٣].
وهذه التسلية جاءت كثيرًا في القرآن كما أشار السمين الحلبي إلى بعض الآيات في ذلك، كقوله: ﴿فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ﴾، فأولى أن تُلحق الآية هنا بتلك الآيات.
٤) الموازنة بين الأدلة:
أما من حاول الجمع بين القولين، فإنه جعل قوله تعالى ﴿إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئا﴾
(^١) ينظر في روح المعاني (٢/ ٣٤٥).
(^٢) ينظر في الكشاف للزمخشري (١/ ٤٤٣)، وحاشية الطيبي على الكشاف (٤/ ٣٥٥).
1 / 239