Tafsīr al-Nasafī
تفسير النسفي
Editor
يوسف علي بديوي
Publisher
دار الكلم الطيب
Edition Number
الأولى
Publication Year
1419 AH
Publisher Location
بيروت
Genres
Tafsīr
يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا (١٠٨)
﴿يَسْتَخْفُونَ﴾ يستترون ﴿مِنَ الناس﴾ حياء منهم وخوفًا من ضررهم ﴿وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ الله﴾ ولا يستحيون منه ﴿وَهُوَ مَعَهُمْ﴾ وهو عالم بهم مطلع عليهم لا يخفى عليه خافٍ من سرهم وكفى بهذه الآية ناعية على الناس ما هم فيه من قلة الحياء والخشية من ربهم مع علمهم أنهم في حضرته لا سترة ولا غيبة ﴿إِذْ يُبَيِّتُونَ﴾ يدبرون وأصله أن يكون ليلًا ﴿مَا لاَ يرضى مِنَ القول﴾ وهو تدبير طعمة أن يرمي بالدرع في دار زيد ليسرّق دونه ويحلف أنه لم يسرقها وهو دليل على أن الكلام هو المعنى القائم بالنفس حيث سمى التدبير قولًا ﴿وَكَانَ الله بِمَا يَعْمَلُونَ محيطا﴾ عالما علم إحاطة
هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا (١٠٩)
﴿ها أنتم هؤلاء﴾ ها للتنبيه فى أنتم واولاء وهما مبتدأ وخبر ﴿جادلتم﴾ خاصمتم وهي جملة مبينة لوقوع أولاء خبرًا كقولك لبعض الاسخياء أنت حاتم تجود بمالك أو أولاء اسم موصول بمعنى الذين وجادلتم صلته والمعنى هبوا أنكم خاصمتم ﴿عَنْهُمْ﴾ عن طعمة وقومه ﴿فِي الحياة الدنيا فَمَن يجادل الله عَنْهُمْ يَوْمَ القيامة﴾ فمن يخاصم عنهم فى الآخرة إذا أخذهم الله بعذابه وقرئ عنه أي عن طعمة ﴿أَمْ مَّن يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا﴾ حافظًا ومحاميًا من بأس الله وعذابه
وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا (١١٠)
﴿وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا﴾ ذنبًا دون الشرك ﴿أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ﴾ بالشرك أو سوءًا قبيحًا يتعدى ضرره إلى الغير كما فعل طعمة بقتادة واليهودي أو يظلم نفسه بما يختص به كالحلف الكاذب ﴿ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ الله﴾ يسأل مغفرته ﴿يَجِدِ الله غَفُورًا رَّحِيمًا﴾ له وهذا بعث لطعمة على الاستغفار والتوبة
وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (١١١)
﴿وَمَن يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ على نَفْسِهِ﴾ لأن وباله عليها ﴿وَكَانَ
1 / 394