Tafsir Ahmed Hateeba

Ahmad Hatiba d. Unknown
84

Tafsir Ahmed Hateeba

تفسير أحمد حطيبة

Genres

الاعتماد على الله وحده وإبراهيم لا يستنصر إلا بالله ﷾، روى البخاري عن ابن عباس ﵄ قال: (حسبنا الله ونعم الوكيل، قالها إبراهيم ﵇ حين ألقي في النار). ولاحظ قوله: (حين ألقي في النار) فإنهم لم يستطيعوا أن يقربوه إلى النار ثم يدفعوه فيها؛ لأنها ليست نارًا بسيطة، فلو اقتربوا منها لاحترقوا. فدلهم الشيطان على المنجنيق، وأول ما صنع المنجنيق في هذا الوقت، والمنجنيق: آلة رافعة، فوضعوا فيها إبراهيم ﵇ وألقته في الجو ليقع في النار. قال ابن عباس ﵁ فيما رواه البخاري: (وقالها محمد ﷺ حين قالوا: ﴿إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ﴾ [آل عمران:١٧٣]). فهذه الكلمة كلمة عظيمة، والكون كله يريد أن يدافع عن إبراهيم ﵇، السماوات والأرض والدواب والملك المسئول عن المطر، والملائكة التي بين السماء والأرض، فكلهم يريدون الدفع عن إبراهيم ﵇، وفي حديث النبي ﷺ الذي رواه ابن ماجة عن عائشة مرفوعًا: (لم تبق يومئذ دابة إلا أطفأت عنه النار، إلا دابة واحدة وهي الوزغ، فإنها كانت تنفخ عليه) وهي نوع من الأبراص، لكنها نوع سام. ولذلك كان يقتلها النبي ﷺ ويسميها الفويسقة ويأمر بقتلها، يقول ابن عباس: (إلا الوزع كانت تنفخ عليه؛ فلذلك أمر رسول الله ﷺ بقتلها). وقالوا: كان عمر إبراهيم ﵇ حين ألقي في النار ستًا وعشرين سنة، صلوات الله وسلامه عليه. وروى البخاري عن ابن عباس قال: كان آخر قول إبراهيم حين ألقي في النار: حسبنا الله ونعم الوكيل. هذه الكلمة العظيمة التي أمر بها النبي ﷺ المؤمنين، وقال تعالى: ﴿فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ﴾ [التوبة:١٢٩]. ومعنى: حسبي، أي: كافيّ، وكأنها جواب من إبراهيم ﵇ على الكون كله، وكأنه يقول لإبراهيم: ندافع عنك، والجواب من إبراهيم: لا، الله ﷾ هو الذي يكفيني وحده فقط، فأنجاه الله ﵎. فإذا بإبراهيم حين يلقى في النار يقول: حسبي الله ونعم الوكيل، يريد نصر الله السريع له.

8 / 7