مقدمة المحقق
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
حياته «١»
: أ- اسمه ونسبه:
أبو محمد سهل بن عبد الله بن يونس بن عيسى بن عبد الله بن رفيع التّستري «٢». ولد بمدينة تستر في سنة مائتين، وقيل: إحدى ومائتين «٣». وإلى هذه المدينة ترجع نسبته (التستري) وهذه المدينة من أعظم مدن خوزستان، (وتفرد بعض الناس بجعل تستر مع الأهواز، وبعضهم يجعلها مع البصرة ... وجعلها عمر بن الخطاب من أرض البصرة لقربها منها) «٤».
_________
(١) انظر ترجمته وأخباره في المصادر الآتية:
الأعلام ٣/ ١٤٣ والأنساب للسمعاني ١/ ٤٦٥ والبداية والنهاية ١/ ١٨٢ (حوادث سنة ٢٨٣ هـ) وتاريخ الأدب لبروكلمان ٤/ ١٣ وتاريخ التراث العربي ١: ٤/ ٢٩ - ٣٠ والتصوف في الإسلام ٦٦ - ٦٧ وحركة التصوف الإسلامي ١٠٩ - ١٢٠ وحلية الأولياء ١٠/ ١٩٠ - ٢١٢ وحياة الحيوان ١/ ٥٤٥ - ٥٤٧ (مادة السبع) والرسالة القشيرية ١٥ وسير أعلام النبلاء ١٣/ ٣٣٠ - ٣٣٣ وشذرات الذهب ١/ ١٨٢ - ١٨٣ وصفوة الصفوة ٤/ ٦٤ - ٦٦ وطبقات الصوفية ١/ ١٦٦ - ١٧١ وطبقات الشعراني ١/ ١٣ والعبر ٢/ ٧٦ (حوادث سنة ٢٨٣ هـ) والعصر العباسي الثاني ١٦٣ والكامل في التاريخ ٦/ ٣٨٩ (حوادث سنة ٢٨٣ هـ) واللباب في معرفة الأنساب ١/ ٢١٦ واللمع للسراج ٣٩٤ ومرآة الجنان ٢/ ٢٤٩ والمعارضة والرد ١ - ٧٥ ومعجم المفسرين ١/ ٢١٨ ومعجم المؤلفين ٤/ ٢٨٤ ومن التراث الصوفي ١ - ١٢٥ والمنتظم ٥/ ٢٦٣ والنجوم الزاهرة ٣/ ٩٥ ونفحات الأنس لجامي ٧٣ والوافي بالوفيات ١٦/ ١٧ ووفيات الأعيان ٢/ ٤٢٩ - ٤٣٠.
(٢) حلية الأولياء ١٠/ ١٩٠ وطبقات الصوفية ١/ ١٦٦ والفهرست ص ٢٦٣ ومعجم البلدان ٢/ ٣١ (تستر) ووفيات الأعيان ٢/ ٤٢٩.
(٣) الكامل في التاريخ ٦/ ٣٨٩ (حوادث سنة ٢٨٣) والوافي بالوفيات ١٦/ ١٧.
(٤) معجم البلدان ٢/ ٣٠.
1 / 3
أما أسرته فلم تفدنا المصادر بشيء عنها، سوى ما ذكره ابن بطوطة الذي قال إنه رأى حفدة للتستري في تستر «١». أما وفاته فكانت بالبصرة سنة (٢٨٣ هـ) «٢» وقيل سنة (٢٧٣ هـ) «٣»، وقيل (٢٩٣ هـ) «٤».
ب- نشأته وتصوفه:
نشأ سهل التستري في تستر، وكانت بدايات اتجاهه إلى التصوف في سن مبكرة جدا، واحتفظ لنا اليافعي بنص مروي عن سهل التستري تحدث فيه عن نشأته واتخاذه التصوف منهجا وسبيلا لحياته، فقال: (كنت ابن ثلاث سنين، وكنت أقوم بالليل أنظر إلى صلاة خالي محمد بن سوّار، وكان يقوم بالليل، وكان يقول: يا سهل، اذهب ونم، فقد شغلت قلبي. وقال لي يوما خالي: ألا تذكر الله الذي خلقك؟ فقلت: كيف أذكره؟ فقال: قل بقلبك عند تقلبك في ثيابك ثلاث مرات من غير أن تحرك به لسانك: الله معي، الله ناظر إلي، الله شاهدي. فقلت ذلك ليالي ثم أعلمته، فقال: قلها في كل ليلة سبع مرات، فقلت ذلك، فوقع في قلبي حلاوة. فلما كان بعد سنة قال لي خالي: احفظ ما علمتك ودم عليه إلى أن تدخل القبر، فإنه ينفعك في الدنيا والآخرة، فلم أزل على ذلك سنين، فوجدت لها حلاوة في سري. ثم قال لي خالي يوما:
يا سهل، من كان الله معه وهو ناظر إليه وشاهده لا يعصيه، إياك والمعصية.
حفظت القرآن وأنا ابن ست أو سبع، وكنت أصوم الدهر، وقوتي خبز الشعير اثنتي عشرة سنة، فوقعت لي مسألة وأنا ابن ثلاث عشرة سنة، فسألت أن يبعثوا بي إلى البصرة أسأل عنها، فجئت البصرة، وسألت علماءها، فلم يشفني ما سمعت. فخرجت إلى عبادان إلى رجل يعرف بأبي حبيب حمزة بن عبد الله العبادي، فسألته عنها فأجابني. وأقمت عنده مدة أنتفع بكلامه وأتأدب بأدبه. ثم رجعت إلى تستر، فجعلت قوتي اقتصارا على أن يشترى لي بدرهم فرقان الشعير، فيطحن ويختبز، فأفطر عند السحر كل ليلة على أوقية واحدة بغير ملح ولا إدام،
_________
(١) رحلة ابن بطوطة ١/ ٢٠٩، وتاريخ الأدب العربي لبروكلمان ٦/ ١٣.
(٢) البداية والنهاية ١١/ ٧٤ وتذكرة الحفاظ ٢/ ٦٨٥ وسير أعلام النبلاء ١٣/ ٣٣٣، وشذرات الذهب ١/ ١٨٢ وصفوة الصفوة ٤/ ٦٦ وطبقات الصوفية ١/ ١٦٧ والعبر ٢/ ٧٦ والكامل ٦/ ٣٨٩ ومعجم البلدان ٢/ ٣١ والمنتظم ٥/ ١٦٣ والنجوم الزاهرة ٣/ ٩٥ ووفيات الأعيان ٢/ ٤٢٩ والوافي بالوفيات ١٦/ ١٧.
(٣) البداية والنهاية ١١/ ٧٤ وسير أعلام النبلاء ١٣/ ٣٣٣ وصفوة الصفوة ٤/ ٦٦ ومعجم البلدان ٢/ ٣١ والمنتظم ٥/ ١٦٣ والوافي بالوفيات ١٦/ ١٧ ووفيات الأعيان ٢/ ٤٢٩.
(٤) طبقات الصوفية ١/ ١٦٧.
1 / 4
وكان يكفيني ذلك الدرهم سنة. ثم عزمت على أن أطوي ثلاث ليال، ثم جعلتها خمسا، ثم سبعا، حتى بلغت خمسا وعشرين ليلة، وكنت على ذلك عشرين سنة. ثم خرجت أسيح في الأرض سنين، ثم عدت إلى تستر، وكنت أقوم الليل كله) «١».
يتضح من هذا النص أن بدايات التستري الصوفية كانت على يد خاله الذي لا تفيدنا المصادر بشيء عنه، سوى أنه لقّن التستري مبادئ التصوف، ثم تلقى التصوف على يد شيخه حمزة العبادي في عبادان.
وتفيد مصادر أخرى أنه صحب ذا النون المصري الذي كان له دور- لا نعلم مداه- في رعاية بذرة التصوف لديه، فقد ذكرت بعض المصادر أن التستري لقيه في الحج وصحبه «٢».
وثمت متصوف آخر هو إدريس بن أبي خولة الأنطاكي، أفادت المصادر أن التستري حكى عنه، ولم تضف إلى ذلك شيئا آخر «٣».
ولا ندري كم من الزمن أقام في تستر، فإنه هجرها ورحل إلى البصرة وأقام فيها حتى وفاته «٤».
وعن سبب انتقاله إلى البصرة قال ابن الجوزي: (حكى رجل عن سهل أنه يقول: إن الملائكة والجن والشياطين يحضرونه، وإنه يتكلم إليهم، فأنكر ذلك عليه العوام، حتى نسبوه إلى القبائح، فخرج إلى البصرة، فمات بها) «٥».
ويبدو أن ابن الجوزي كان يتحامل على التستري، فقد أنكر عليه تفسير قوله تعالى:
وَالْجارِ ذِي الْقُرْبى وَالْجارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ [النساء: ٣٦] فقد فسرها التستري على أنها القلب والنفس والجوارح «٦»، (وابن الجوزي اكتفى بإنكار هذا التفسير، دون أن يذكر مبررا لإنكاره) «٧».
_________
(١) مرآة الجنان ٢/ ٢٤٩ (حوادث سنة ٢٨٣) وذكر ابن خلكان في وفيات الأعيان ٢/ ٤٢٩ من هذا الخبر قصته مع خاله فقط وانظر: التصوف في الإسلام ٦٦ - ٦٧ وحركة التصوف الإسلامي ص ١١٠.
(٢) البداية والنهاية ١١/ ١٧٤ وسير أعلام النبلاء ١٣/ ٣٣٠ ووفيات الأعيان ٢/ ٤٢٩ ومعجم البلدان ٢/ ٣١ (تستر).
(٣) بغية الطلب ٣/ ١١٣٤.
(٤) معجم البلدان ٢/ ٣١ (تستر) ووفيات الأعيان ٢/ ٤٢٩.
(٥) تلبيس إبليس ص ٢٠٧.
(٦) تفسير التستري ص ٤٥. [.....]
(٧) من التراث الصوفي ص ١٠٢.
1 / 5
ج- تلاميذه وأصحابه: (رواة أخباره) ١ - ابن درستويه: ورد في سير أعلام النبلاء ١٣/ ٣٣٠: (ابن درستويه صاحب سهل قال:
قال سهل ...).
٢ - أبو جعفر المصيصي المغازلي: ورد في بغية الطلب ١٠/ ٤٣٧٩: (من العباد المذكورين.
حكى عن سهل التستري).
٣ - أبو الحسن البشري: ورد في تكلمة الإكمال ١/ ٤١١: (من أصحاب سهل التستري، روى عنه كثيرا).
٤ - أبو الحسن البغدادي المزين.
٥ - أبو الحسن النخاس: ورد في تاريخ بغداد ١٤/ ٤٢٨: (سمع سهل بن عبد الله التستري).
٦ - أبو علي البصري: ورد في تاريخ بغداد ١٤/ ٤٢٦: (سكن بغداد، وكان من عباد الله الصالحين، وممن صحب سهل بن عبد الله التستري، حكى عنه أبو محمد الجريري).
٧ - أبو محمد الجريري: ورد في طبقات الصوفية ١/ ٢٠٣ وصفوة الصفوة ٢/ ٤٤٧ - ٤٤٨:
(أبو محمد الجريري: يقال: إن اسمه أحمد بن محمد بن الحسين، وكنية والده أبو الحسين. كان من كبار أصحاب الجنيد، وصحب أيضا سهل بن عبد الله التستري، وهو من علماء مشايخ القوم.
أقعد بعد الجنيد في مجلسه لتمام حاله وصحة علمه. توفي سنة ثلاثمائة وإحدى عشرة).
٨ - أبو يعقوب السوسي: ورد في كتاب من التراث الصوفي ٧١: (ومن أصدقاء سهل أيضا أبو يعقوب السوسي الصوفي والأستاذ العظيم الذي أشرف على أبي يعقوب إسحاق بن محمد النهرجوري المتوفى سنة ٣٣٣/ ٩٤٤. ومن هنا نشأت علاقة الود بين النهرجوري والتستري الذي كان يقدره حق التقدير). وثمت خبر ورد في تفسير التستري يفيد أنهما كانا معا بأرجان، وهذا الخبر ورد أيضا في اللمع للسراج ١٩٣.
٩ - أحمد بن سالم: ورد في العبر ٢/ ٣٢٦ وشذرات الذهب ٢/ ٣٦: (أبو الحسن بن سالم الزاهد أحمد بن محمد بن سالم البصري: شيخ السالمية. وكان له أحوال ومجاهدات، وعنه أخذ الأستاذ أبو طالب صاحب القوت، وهو آخر أصحاب سهل التستري وفاة). وانظر:
الحلية ١٠/ ٣٧٨ وسير أعلام النبلاء ١٦/ ٢٧٢.
١٠ - أيوب الحمال: ورد في صفوة الصفوة ٢/ ٢٩٣: (أيوب الحمال أبو سليمان: من ذوي الكرامات، صحب سهل بن عبد الله التستري).
١١ - البربهاري: ورد في سير أعلام النبلاء ١٥/ ٩٠: (البربهاري: شيخ الحنابلة، القدوة،
1 / 6
الإمام، أبو محمد الحسن بن علي بن خلف البربهاري الفقيه. كان قوالا بالحق، لا يخاف في الله لومة لائم. صحب سهل بن عبد الله التستري، وصنف التصانيف. توفي سنة ثلاثمائة وثمان وعشرين وعمره سبع وسبعون سنة). وانظر: شذرات الذهب ١/ ٣١٩ وطبقات الحنابلة ٢٩٩ والعبر ٢/ ٢٢٢.
١٢ - بكر بن محمد ابن العلاء أبو الفضل القشيري: ورد في سير أعلام النبلاء ١٥/ ٥٣٧: (حكى عن سهل، وصنف التصانيف، وسكن مصر. توفي بمصر سنة ثلاثمائة وأربع وأربعين، وجاوز الثمانين سنة). وجاء في الديباج المذهب ١/ ١٠٠: (من كبار فقهاء المالكيين رواية للحديث).
١٣ - الحلاج: الحسين بن منصور الحلاج أبو مغيث، توفي سنة ٣٠٩ هـ. جاء في سير أعلام النبلاء ١٤/ ٣١٤ أنه (نشأ بتستر، وصحب سهل التستري، وصحب ببغداد الجنيد). وانظر ديوان الحلاج، المقدمة ص ٧.
١٤ - عبد الجبار بن شيراز بن يزيد العبدي النهربطي: ورد في تكملة الإكمال ٣/ ٤٦٥ ومعجم البلدان ٥/ ٣١٩ أنه (روى عن سهل التستري) وجاء في اعتقاد أهل السنة ١٨٢ - ١٨٣ أنه (صاحب سهل التستري) وروى عن التستري عدة أقوال وردت في الحلية أثناء ترجمة سهل التستري ١٠/ ١٩٨ - ٢١١.
١٥ - علي بن عبد العزيز الضرير الصوفي البغدادي أبو الحسن: جاء في تاريخ بغداد ١٢/ ٣٠: (من قدماء مشايخهم، صحب سهل بن عبد الله التستري).
١٦ - عمر بن واصل العنبري، أبو الحسن: جاء في تاريخ بغداد ١١/ ٢٢١: (أظنه بصريا، سكن بغداد، وروى بها عن التستري). قلت: ورد اسمه في تفسير التستري حوالي عشر مرات، انظر فهرس الأعلام بذيل التفسير.
١٧ - محمد بن الحسن بن أحمد الجوري: جاء في الإكمال ٣/ ١٠ أنه (حدث عن سهل التستري) وفي معجم البلدان ٢/ ١٨٢ جور: (سمع سهل التستري قراءة).
١٨ - محمد بن الحسن: ورد في تاريخ بغداد ٥/ ٢٥٢ أنه كان (صاحب سهل بن عبد الله)، ثم ذكر قولا للتستري وروى قولا للتستري في الحلية ١٠/ ٢١١.
١٩ - محمد بن أحمد بن سالم أبو عبد الله: ورد في طبقات الصوفية ١/ ٣١٢: (صاحب التستري وراوي كلامه. لا ينتمي إلى غيره من المشايخ، وهو من أهل الاجتهاد، وطريقته طريقة أستاذه سهل التستري، وله بالبصرة أصحاب ينتمون إليه، وإلى ابنه أبي الحسن). وجاء في
1 / 7