139

ثم الواقع في ثالث المراتب العددية الذاتية، وجود العالم النفسي من لدن نفس الفلك الأعظم الى النفوس المتعلقة بالأبدان البشرية، والقوالب الإنسية.

فعالمها مشتمل على جملة كثيرة من ذوات معقولة، ليست مفارقة للمواد كل المفارقة، ولا مواصلة لها كل المواصلة، بل هي ملابستها ضربا من الملابسة، ومواد الصنف المتعلق منها بالسماويات، مواد دائمة الحرمة الدورية بإذن الله، وتسخيره للملائكة المدبرة إياها، الحافظة لصورها المحركة لها تشوقا الى الله، وتقربا منه وطاعة إياه.

ولها في طباعها نوع من التغير، ونوع من التكثر، لا مطلقا كالأجرام الاسطقسية.

ثم الواقع في رابع المراتب عالم الطبيعة، ويشتمل على قوى سارية في الأجرام ملابسة للمادة على التمام، وهي دائمة التجدد والزوال، سيالة الذوات متجددة الهويات، تفعل الحركات الذاتية والسكنات في إحدى المقولات من الأين والوضع والكم والكيف.

أما الحركة، فإذا لحقها ضرب من التغير من جهة عارض غريب، وأما السكون، فعندما لم يلحقها عارض غريب.

وبعد مرتبتها وجود العالم الجسماني المنقسم إلى أثيري وعنصري، وخاصية الأثيري؛ استدارة الشكل والحركة، واستغراق الصور للمواد، وخلو الجوهر عن التضاد. وخاصية العنصري؛ التهيؤ للأشكال المختلفة والأحوال المتغايرة، وانقسام بين صورتين متضادتين، أيهما كانت بالفعل كانت الأخرى بالقوة.

وليس وجود احداهما لها دائما، بل وجودا زمانيا ومباديه الفعالة فيه من القوى المساوية بتوسط الحركات، وبسبق كماله الأخير أبدا بالقوة.

ويكون ما هو أول فيه بالطبع، آخرا في الشرف والفضل، ولكل واحدة من القوى المذكورة اعتبار بذاته واعتبار بالإضافة الى تاليه الكائن عنه، ونسبة الثواني كلها إلى الأول بحسب الشركة نسبة الإبداع.

وأما على التفصيل، فيخص العقل نسبة الإبداع، ثم إذا قام متوسطا بينه وبين الثوالث صار له نسبة الأمر، واندرج فيه معه النفس، ثم كان بعده نسبة الخلق.

وللأمور العنصرية بما هي كائنة فاسدة نسبة التكوين والابداع، يختص بالعقل، والأمر يفيض منه الى النفس، والخلق يختص بالموجودات الطبيعية، ويعم جميعها، والتكوين يختص بالكائنة الفاسدة منها.

Unknown page