120

وفيها سر الإلهية وظل الربوبية، ونسبتها الى سائر الحروف، نسبة الحق المخلوق به إلى صور الموجودات العالمية.

ومما يؤيد هذا ما رواه [أبو] إسحق الثعلبي في تفسيره مسندا إلى علي بن موسى الرضا (عليه السلام)، قال: سئل جعفر الصادق (عليه السلام) عن قوله تعالى: آلم، فقال: في الألف ست صفات من صفات الله عز وجل:

" الابتداء " ، فإن الله تعالى ابتدأ جميع الخلق، والألف ابتداء الحروف. " والاستواء " ، فهو عادل غير جائر، والألف مستو في ذاته. " والانفراد " ، فالله فرد والألف فرد و " اتصال الخلق بالله والله لا يتصل بالخلق، وكلهم يحتاجون إليه والله غني عنهم ".

فكذلك الألف لا يتصل بالحروف والحروف متصلة به وهو منقطع من غيره، والله عز وجل بائن بجميع صفاته من خلقه، ومعناه من الألفة، وكما أن الله عز وجل سبب ألفة الخلق، فكذلك الألف، علة تألف الحروف وهو سبب ألفتها.

بحث وتنبيه

[الالف وأسرارها]

إن ما ورد في الكشاف وغيره من التفاسير سيما الكبير من " أن هذه الألفاظ لما كانت أسماء لمسمياتها التي هي حروف يتركب منها الكلم، وكانت هذه الأسماء مؤلفات، ومسمياتها حروفا وحدانا، صدرت بتلك الحروف لتكون تأديتها بالمسمى أول ما يقرع السمع، واستعيرت الهمزة مكان الألف لتعذر الابتداء بها " ففيه نظر.

لأن المراد من الألف المذكورة ها هنا، إن كان هي الهمزة، فقد وقع التصدير بالمسمى في اسمها، فإن أول حروف لفظ " الألف " هي الهمزة المفتوحة.

وإن كان المراد منه الألف اللينة التي هي من حروف العلة، ففيه حزازتان: تصدير الهمزة بغير مسماها وهو خرق القاعدة المذكورة، والترجيح من غير مرجح، فإن الهمزة أولى من الألف بأن يصدر اسمها بمسمى الهمزة.

بل الأولى أن يجعل القاعدة مطردة في الحروف الصحيحة الثمانية عشر كلها، ويجعل لفظ " الألف " اسما لما هو من جنس الحروف الصحيحة، أعني الهمزة على الحقيقة، كما هو الرسم في سائر الحروف، ويجعل " اللام ألف " اسما للألف اللينة بناء على ما ذكرنا سابقا.

Unknown page