299

Tafsir

تفسير الأعقم

Genres

{ ما أصاب من مصيبة في الأرض } القحط وقلة الزرع والضرع والنبات، والمصيبة في النفس الأمراض والعلل والموت { إلا في كتاب } في اللوح المحفوظ { من قبل أن نبرأها } يعني الأنفس والمصيبات { إن ذلك } أي تقدير ذلك وإثباته في كتاب { على الله يسير } وإن كان عسير على العباد، ثم علل ذلك وبين الحكمة فقال: { لكي لا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا } يعني أنكم إذا علمتم إن كل شيء مقدر مكتوب عند الله قلت إساءتكم على الفائت وفرحكم بالآتي، وقيل: لأن ما فات ضمن الله تعالى العوض عليه في الآخرة فلا ينبغي أن تحزن عليه وما بالها كلفت الشكر في الحقوق الواجبة { والله لا يحب كل مختال فخور } أي يتكبر بما أوتي فخور على الناس { الذين يبخلون } بمنع الواجبات { ويأمرون الناس بالبخل ومن يتول } أعرض عما دعا الله إليه { فإن الله هو الغني الحميد } في جميع أفعاله { لقد أرسلنا رسلنا بالبينات } بالحجج { وأنزلنا معهم الكتاب والميزان } وروي أن جبريل (عليه السلام) نزل بالميزان ودفعه إلى نوح (عليه السلام) وقال: مر قومكم أن يزنوا به، وقيل: هو الميزان الذي يوزن به، وقيل: المراد به العدل { وأنزلنا الحديد } قيل: نزل آدم (عليه السلام) ومعه خمسة أشياء من حديد الجنة: السندان والكلبتان والمنفعة والمطرقة والإبرة، وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم):

" إن الله تعالى أنزل من السماء أربع بركات من السماء إلى الأرض، أنزل الحديد والنار والماء والملح "

، وعن الحسن: { وأنزلنا الحديد } خلقناه { فيه بأس شديد } وهو القتال به { ومنافع للناس } في مصالح ومعائشهم وصناعتهم فما من صناعة إلا والحديد أو ما يعمل بالحديد له فيها { وليعلم الله من ينصره } أي ليظهر المعلوم ليعلم الله وجود النصرة منهم في الحال ويظهر المعلوم نصره، أي ينصر دينه وأولياءه { إن الله قوي عزيز } أي قادر لا يغالب { ولقد أرسلنا نوحا وإبراهيم } عطفا على ما تقدم { وجعلنا في ذريتهما النبوة والكتاب فمنهم } أي من الذرية { مهتد } أي اتبع الحق { وكثير } من الذرية { فاسقون } { ثم قفينا على آثارهم } أي اتبعنا بالإرسال على آثارهم، أي بآثار الأنبياء { برسلنا } وأرسلنا رسولا بعد رسول { وقفينا بعيسى ابن مريم } أي أرسلناه بعدهم { وآتيناه الإنجيل وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه رأفة ورحمة } أي اتبعوا عيسى في دينه، والرأفة أشد الرحمة، ومتى قيل: لما أضاف الرأفة والرحمة إلى نفسه؟ قالوا: بالأمر والترتيب ووعد الثواب عليه، لأنه أمرهم بالترحم فأطاعوه، وقيل: باللطف الذي قوى دواعيهم فصارت قلوبهم بهذه الصفة، وقيل: بالاختيار والتعريف كما يقال: فلان عدله القاضي ورعاه { ابتدعوها } أحدثوها { ما كتبناها عليهم } أي ما فرضناها عليهم تلك الرهبانية برفض النساء واتخاذ الصوامع، وقيل: لحاقهم بالبراري والجبال، وقيل: الانقطاع والانفراد بالعبادة { إلا ابتغاء رضوان الله } قيل: معناه ما كتبناه عليهم البتة لكن كتبنا عليهم ابتغاء رضوان الله، وقيل: اتبعوا بتلك الرهبانية رضوان الله، وقيل: ما كتبناها عليهم ولكن لما دخلوا فيها أوجبنا ذلك ابتغاء رضوان الله، وقيل: الاستثناء منقطع، أي ولكنهم ابتدعوها ابتغاء رضوان الله فبدلوا ولم يفعلوا ما أمروا به { فما رعوها حق رعايتها } فيه قولان: إذا حملت الأمة على أنه لم كتب الرهبانية عليهم اتباع الله فما رعوا ما كتب عليهم من أمر الدين والملة فيكون كناية عن غير مذكور، وإذا حملت على أن الرهبانية طاعة فما رعوا تلك الرهبانية، يعني ما حفظوا ذلك، وقيل: فما رعوا حق رعايتها لكن كفروا بعيسى وتهودوا وتنصروا وشربوا الخمر وأكلوا الخنزير، وقيل: فما رعوها لتكذيبهم بمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) فإن من آمن بمحمد فقد رعاها حق رعايتها ومن لم يؤمن فأولئك هم الهالكون، وقيل: اتخذوا الترهب والتزهد شوقا ومكيدة ولم يتبعوا به رضى الله لمد هذه زماننا هذا { فآتينا الذين آمنوا منهم } يريد أهل الرأفة والرحمة { أجرهم } جزاء أعمالهم { وكثير منهم فاسقون } كافرون عاصون.

[57.28-29]

{ يأيها الذين آمنوا } يجوز أن يكون خطأ باللذين آمنوا من أهل الكتاب والذين آمنوا من غيرهم { اتقوا الله وآمنوا برسوله } قيل: آمنوا بعيسى وموسى واتقوا عذاب الله وآمنوا بمحمد، وقيل: آمنوا بالأنبياء وبمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) { يؤتكم كفلين } نصيبين { من رحمته } بإيمانكم بمحمد وإيمانكم بعيسى ومن قبله { ويجعل لكم نورا } يوم القيامة { تمشون به } ، وقيل: النور المذكور في قوله:

يسعى نورهم

[الحديد: 12] { ويغفر لكم } ما سلف من الكفر والمعاصي { لئلا يعلم أهل الكتاب ألا يقدرون على شيء من فضل الله } قيل: ليعلم أهل الكتاب الذين حسدوا المؤمنين على ما وعدوا أنهم لا يقدرون على شيء من فضل الله، وقيل: يتصل بما قبله في قوله: { أرسلنا رسلا } أي يعلم أهل الكتاب أنهم لا يقدرون على فضل الله الذين يصرفون النبوة عن محمد إلى بني إسرائيل، فعلى هذا لا صلة محذوف، وقيل: المعنى لئلا يعلم أهل الكتاب ألا يقدر الرسول والمؤمنون على شيء من فضل الله لأن من لا يعلم أنه لا يقدر يعلم أنه لا يقدر، ومتى قيل: لما سمى الثواب فضلا وهو مستحق؟ قالوا: لأنه بالتكليف والتمكين عرضه للثواب فكأنه منه، وقيل: لأنه يحصل بالإيمان بتمكينه ولطفه وهدايته فكأنه منه { وأن الفضل بيد الله } أي هو القادر على ذلك { يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم }.

[58 - سورة المجادلة]

[58.1-4]

{ قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها } قيل:

Unknown page