" اذكروا الفاجر بما فيه كي يحذره الناس "
يعني لا يغتب بعضكم بعضا ولا يطعن عليه بالألقاب قيل: هو كل اسم أو صفة يكره الرجل أن يدعا به، وقيل: هو قول الرجل للرجل: يا فاسق، يا منافق، وقيل: كان اليهود والنصارى تسلم فيقال له بعد ذلك: يا يهودي، يا نصراني، فنهوا عن ذلك وقيل لهم: بئس الذكر أن يذكر الرجل الرجل بالفسق واليهودية بعد إيمانه، وقيل: أن يعمل إنسان شيئا قبل التوبة فيعير بما سلف { بئس الإسم الفسوق بعد الإيمان } بئس الاسم فلا تفعلوا ذلك فتستحقوا اسم الفسوق، وقيل: بئس الاسم الذي سميته بقولك: يا فاسق بعد أن علمت أنه مؤمن { ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون } لأنفسهم، وقيل: ظالم لأخيه بما قال فيه والله أعلم { يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن } وهو الظن القبيح ممن ظاهره الستر، وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أن الله حرم من المؤمن المسلم دمه وعرضه أن يظن به ظن السوء { ولا تجسسوا } قيل: لا تتبعوا عورات المسلمين عن ابن عباس، يعني خذوا ما ظهر ودعوا ما ستر ولا تتبعوا عوراتهم لتقعوا على ما تكرهوا { ولا يغتب بعضكم بعضا } قيل: أن تذكر أخاك بما يكره فإن كان فيه فقد اغتبته وإن لم يكن فيه فقد بهته، ثم أكد التحريم فقال: { أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه } شبه الغيبة به فلا شيء أعظم منه، قال قتادة: يقول: كما أنت تكره لحم الجيفة كذلك فاكره لحم أخيك وكذلك لم يقتصر على لحم الأخ حتى جعل ميتا { واتقوا الله إن الله تواب رحيم } يعني اتقوه في جميع ما نهاكم عنه.
[49.13-18]
{ يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى } آدم وحواء، وقيل: خلقنا كل منكم من أب وأم { وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا } لا للتفاخر وذلك أنه لولا الأنساب لما عرف الناس وإنما يعرف زيد بن زيد بالنسب، واختلفوا في الشعوب والقبائل، فقيل: الشعوب النسب الأبعد كمضر وربيعة والأوس والخزرج، والقبائل الأقرب كبني هاشم، وبني أمية وتميم، وقيل: الشعوب أعم والقبائل أخص، وقيل: الشعوب دون القبائل سموا بذلك لتشعبها وتعرمها، وقيل: الشعوب من العجم والقبائل من العرب { إن أكرمكم عند الله أتقاكم } وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم):
" من سره أن يكون أكرم الناس فليتق الله "
{ قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم } الآية نزلت في نفر من بني اسرائيل وبني خزيمة قدموا المدينة في سنة جدب وأظهروا الإسلام ولم يكونوا مؤمنين في السر، وقيل: نزلت في قوم من المنافقين استسلموا خوف السيف والقتل { ولما يدخل الإيمان في قلوبكم } يعني يظهر دون ما ليس في قلوبكم فبين أنهم منافقون { وإن تطيعوا الله ورسوله } ظاهرا وباطنا { لا يلتكم } لا ينقصكم { من أعمالكم شيئا إن الله غفور } يغفر الذنوب { رحيم } لا ينقص من ثوابكم شيئا { إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا } أي لم يشكوا في شيء من أمور الدين { وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله } أي في دينه { أولئك هم الصادقون } في قولهم: انا مؤمنون { قل أتعلمون الله } الذي تعتقدون، هو استفهام والمراد الإنكار والتقريع، أي كيف تعلمون الله { بدينكم } وتحلفون في ضمائركم خلاف ذلك وهو يعلم ما في الضمائر من النفاق { والله يعلم ما في السماوات وما في الأرض والله بكل شيء عليم } { يمنون عليك أن أسلموا } أي يعدون إسلامهم نعمة على الرسول ويتوهمون أنهم نفعوك به حيث قالوا آمنا وأسلمنا وهاجرنا وفعلنا { قل } يا محمد { لا تمنوا علي إسلامكم } فإن نفعه يعود عليكم { بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان } يعني أنعم عليكم أكثر حيث هداكم وأمركم فأراح عليكم ووفقكم { إن كنتم صادقين } في أنكم مؤمنين به { إن الله يعلم غيب السماوات والأرض والله بصير بما تعملون } أي عالم بأعمالكم وبالمحق والمبطل فيجازي كل أحد بما يستحقه ولا ينقصه ما يجب له.
[50 - سورة ق]
[50.1-5]
{ ق } قيل: اسم من أسماء الله تعالى عن ابن عباس، وقيل: افتتاح أسماء الله تعالى نحو قديم وقادر وقاهر وقريب، وقيل: اسم من أسماء القرآن، وقيل: اسم للسورة عن الحسن وأبي علي، وقيل: جبل محيط بالأرض من زمردة خضراء السماء منه، وقيل: اسم للسورة فكأنه قال: أقسم بهذه السورة تنبيها على عظمها، وقيل: القسم برب القرآن كأنه قال: وبرب ق { والقرآن } وسمي القرآن لجمعه { المجيد } الكريم على الله العظيم في نفسه الكثير الخير والنفع وفيه حذف، أي لتبعثن يوم القيامة، وقد قيل أنه جواب القسم، وقيل: جوابه قد علمنا، وقيل: { بل عجبوا } فلما وعدهم بالبعث أنكروا فقال سبحانه: { بل عجبوا أن جاءهم منذر منهم } أي رسول مخوف يخوفهم عقاب الله، وقيل: يخوفهم بالبعث، وقيل: عجبوا من كون الرسول بشرا منهم { فقال الكافرون هذا شيء عجيب } ثم بين ماذا تعجبهم فقالوا: { أئذا متنا وكنا ترابا } فيه حذف، أي لنبعث، ثم أنكروا فقالوا: { ذلك رجع بعيد } أي رجع إلى حال الحياة بعيد، فأجابهم الله تعالى بأنه لا موضع للعجب والإنكار فإنه القادر على الإعادة والعالم بالأجزاء المتفرقة فما المانع من الإعادة فقال سبحانه: { قد علمنا ما تنقص الأرض منهم } أي ما أكل من لحومهم وعظامهم حتى صاروا ترابا مفترقا، وقيل: معناه قد علمنا ما يبقى منهم وما يفنى { وعندنا كتاب حفيظ } محفوظ من الشياطين ومن التغيير وهو اللوح المحفوظ، وقيل: كتاب الموكل بهم يكتبون أعمالهم فهو محفوظ للجزاء إلى وجوب الإعادة مفاخرا: { بل كذبوا بالحق لما جاءهم } قيل: بالقرآن، وقيل: بالرسول، فمرة قالوا: مجنون، ومرة قالوا: كاهن، ومرة قالوا: ساحر { فهم في أمر مريج } مختلط، وقيل: في ضلالة، وقيل: مختلف، وقيل: ملتبس.
[50.6-16]
Unknown page