277

Tafsir

تفسير الأعقم

Genres

{ ويقول الذين آمنوا } حرصا على الجهاد { لولا نزلت سورة } بالجهاد { محكمة } بالأمر والنهي قال قتادة: كل سورة ذكر فيها الجهاد فهي ملحمة محكمة وهي أشد القرآن على المنافقين { وذكر فيها القتال } أي أمروا به { رأيت } يا محمد { الذين في قلوبهم مرض } أي شك وكفر يعني المنافقين { ينظرون إليك } من الخوف والجبن { نظر المغشي عليه } وهو نظر شزر بتحديق شديد مخافة القتال كنظر المغشي عليه { من الموت } كما ينظر من أصابته الغشية عند الموت { فأولى لهم } وعيد، يعني فويل لهم، ومعناه الدعاء عليهم بأن يليهم المكروه { طاعة وقول معروف } كلام مستأنف أي طاعة وقول خير لكم، وقيل: هي حكاية قولهم أي قالوا: طاعة وقول معروف، وقيل: طاعة وقول معروف أمثل لهم وأولى بالحق { فإذا عزم الأمر } أي جد العزم والعزم الجد لأصحاب الأمر { فلو صدقوا الله لكان خيرا لهم } فيما زعموا من الحرص على الجهاد، أو فلو صدقوا في إيمانهم وأطاعت قلوبهم فيه ألسنتهم لكان خيرا لهم { فهل عسيتم إن توليتم } الآية نزلت في بني أمية وبني هاشم وهو ترك القبول، يعني أمرتم بالطاعة فأعرضتم عنها، وقيل: هو من الولاية، والمعنى هل تقدرون إذا أمرتم بالطاعة وأعرضتم { أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم } يعني هل تقدرون أنكم تتمكنون في الأرض فتفسدوا بالقتل والأسر وتقطعوا أرحامكم لمحاربة أقاربكم من المسلمين فآيسهم الله تعالى مما قدروا، وقيل: معناه لعلكم إن أعرضتم عن القرآن أن تفسدوا في الأرض وتعودوا إلى ما كنتم عليه في الجاهلية وفي قراءة علي بن أبي طالب (عليه السلام) { توليتم } أي تولاكم ولاة غشمة خرجتم معهم ومشيتم تحت لوائهم وفسدتم بإفسادهم، وقرئ وتقطعوا من التقطيع والتقطع { أولئك } إشارة إلى المذكورين { لعنهم الله } لإفسادهم تقطعهم أرحامهم { فأصمهم وأعمى أبصارهم } أي لا يعون ما يسمعون، ولا ينظرون ما به يعتبرون فهم بمنزلة الأصم والأعمى { أفلا يتدبرون القرآن } ويتفكرون فيه في أوامره ونواهيه { أم على قلوب أقفالها } وأم بمعنى بل، يعني أن قلوبهم مقفلة لا يوصل إليها ذكر { إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعدما تبين لهم الهدى } أي تركوا الإسلام بعدما تبين لهم طريق الحق، قيل: أهل الكتاب، وقيل: هم المنافقون والله أعلم { الشيطان سول لهم وأملى لهم } ، قيل: زين لهم أفعالهم ما وافق هواهم، وقوله: أملى لهم، قيل: أوهمهم طول العمر مع الأمن من المكاره، وأبعد لهم في الأمل والأمنية.

[47.26-35]

{ ذلك } إشارة إلى التسويل من الشيطان، يعني إنما يمكن الشيطان منهم وقبلوا منه لما في قلوبهم من الكيد والخيانة لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ولولا ذلك ما قبلوا { بأنهم } يعني المنافقين والكفار أهل الكتاب، وقيل: الذين اهتدوا { قالوا للذين كفروا ما نزل الله } وهم المشركون { سنطيعكم في بعض الأمر } يعني مخالفة محمد والقعود عن الجهاد { والله يعلم إسرارهم } أي يعلم ما يخفون في ضمائرهم { فكيف إذا توفتهم الملائكة } أي يقبضون أرواحهم عند الموت { يضربون وجوههم وأدبارهم } عقوبة لهم وفضيحة { ذلك } أي ما تقدم ذكره من العذاب بما نالهم { بأنهم اتبعوا ما أسخط الله } من الكفر والفسق { وكرهوا رضوانه } وهو الايمان والطاعة { فاحبط أعمالهم } قيل: أبطل ما عملوا في كيد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والمسلمين وأظهره عليهم، وقيل: أحبط ثواب أعمالهم التي هي محاسن عقلية نحو فك الأسارى وصلة الرحم وقرى الضيف { أم حسب } ظن { الذين في قلوبهم مرض } ونفاق { أن لن يخرج الله أضغانهم } أي أحقادهم وبغضهم للنبي والمؤمنين { ولو نشاء لأريناكهم } لأعلمناكهم { فلعرفتهم بسيماهم } بعلاماتهم ووصفهم، وروى أنس قال: ما خفي على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد نزول هذه الآية شيء من المنافقين شكوهم الناس، فناموا ليلة فأصبحوا وعلى وجه كل واحد منهم هذا منافق { ولتعرفنهم في لحن القول } أي فيما يظهر في مجاري كلامهم، وقيل: لحن القول في المعاذير الكاذبة { والله يعلم أعمالكم } أي لا ينفعكم كتمانه فإنه تعالى يعلمه ويجازي عليه { ولنبلونكم } نعاملكم معاملة المختبر بالأمر والنهي { حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين } ، قيل: يعلم البالي، وقيل: يعامله معاملة من يطلب العلم، وقيل: حتى يميز المعلوم يعني المجاهد والمخلص من غيره، وذكره العلم وأراد المعلوم لأن الاختبار يريد ليعلم المعلوم { ونبلو أخباركم } ، قيل: نبين أخباركم وأعمالكم، وقيل: نجازيكم عليها { ان الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله } ، قيل: أعرضوا عن دينه والآية نزلت في المطعمين يوم بدر وكانوا عشرة { وشاقوا الرسول } عصوه { من بعدما تبين لهم الهدى } أنصح لهم الحق بالأدلة، وقيل: هم المنافقون آمنوا ثم كفروا، وقيل: هم أهل الكتاب، وقيل: علماء السوء ورؤساء الضلال { لن يضروا الله شيئا } بكفرهم فإن وبال عنادهم يعود عليهم { وسيحبط أعمالهم } التي قدروها طاعة وليست كذلك { يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول } فيما أمركم { ولا تبطلوا أعمالكم } بالمعاصي، وقيل: بالعجب والرياء، وقيل: بالكبائر { إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله ثم ماتوا وهم كفار } أصروا على الكفر { فلن يغفر الله لهم } ثم عاد الكلام إلى الجهاد فقال سبحانه: { فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم } قيل: لا تضعفوا وتملوا لقاء العدو، وقوله: { وتدعوا إلى السلم } إلى الصلح والمسالمة { وأنتم الأعلون } أي القاهرون والغالبون إشارة إلى أن الغلبة للمؤمن في الدنيا والثواب في الآخرة { والله معكم } أي ناصركم { ولن يتركم أعمالكم } ، قيل: لا ينقصكم أجوركم بل يثيبكم عليها ويزيدكم من فضله.

[47.36-38]

{ إنما الحياة الدنيا لعب ولهو } ، قيل: أراد التشبيه كاللعب واللهو هو سرعة الانقطاع { وأن تؤمنوا بالله وتتقوا يؤتكم } يعطكم ربكم { أجوركم } أي ثواب حسناتكم { ولا يسألكم أموالكم } أي لا يسألكم جميعها إنما يقبض منكم ربع العشر، وقيل: لا يسألكم الرسول على أداء الرسالة أجرا أموالا تعطونه، وقيل: لا يسألكم أموالكم وإنما يسأل أموال الله المفروضة في أموالكم { إن يسألكموها } كناية عن الله أو عن الرسول { فيحفكم } أي يلح عليكم ويلحف، وقيل: الإحفاء أن يأخذ جميع ما في يده { تبخلوا } بذلك وتمنعوا الواجب { ويخرج أضغانكم } وحقدكم وعدوانكم، وقيل: يخرج الله تعالى إلى المشقة التي في قلوبكم { ها أنتم هؤلاء تدعون لتنفقوا في سبيل الله } أي دعاكم الله والرسول لتنفقوا بعض أموالكم في سبيل الله ووعدكم الثواب الجزيل { فمنكم من يبخل } مع الايمان بالله ويمنع الواجب من النفقة، يعني إذا كان المؤمن يبخل فكيف من لا يؤمن { ومن يبخل } يمنع الواجب { فإنما يبخل عن نفسه } لأنه يحرمها مثوبة عظيمة ويلزمها عقوبة دائمة { والله الغني } عن صدقاتكم { وأنتم الفقراء } المحتاجون إلى ثوابه والفقراء إلى الجزاء { وإن تتولوا } وتعرضوا عن الحق وما لزمكم من الانفاق { يستبدل قوما غيركم } يعني أنه تعالى يأتي بقوم غيركم بدلا منكم { ثم لا يكونوا أمثالكم } في الطاعة بل يكونوا خيرا منكم خلقا سواكم راغبين في الإيمان والتقوى، وقيل: هم الملائكة، وقيل: الأنصار، وعن ابن عباس والنخعي وعن الحسن: العجم،

" وسئل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عن القوم وكان سلمان إلى جنبه فضرب على فخذه فقال: " هذا وقومه " وقال: " والذي نفسي بيده لو كان الايمان منوط بالثريا لتناوله رجال من فارس ".

[48 - سورة الفتح]

[48.1-3]

{ إنا فتحنا لك } يا محمد { فتحا مبينا } بينا لك في الفتح والنصر أي ظاهر قيل: هو فتح مكة عن جماعة من المفسرين منهم أبو علي قال نزل بعد رجوعه من الحديبية كان بشر في ذلك الوقت بفتح مكة، والحديبية اسم بدر، والفتح الظفر بالبلد عنوة أو صلحا بحرب أو بغير حرب، وقيل: هو فتح الحديبية، ولم يكن فيه قتال شديد ولكن ترام بين القوم بسهام وحجارة، عن ابن عباس (رضي الله عنه): رموا المشركين حتى أدخلوهم ديارهم، قال الشعبي: نزلت بالحديبية يوم بيعة الرضوان وظهرت الروم على فارس وبلغ الهدي محله، وقيل: هو فتح خيبر { ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر } ، قيل: تقدم قبل النبوة وما تأخر عنها، وقيل: هو على التقدير أي لو كان لك كل ذنب لغفرناه { ويتم نعمته عليك } بالنبوة والعلم، وقيل: في الدنيا بإظهارك على عدوك وفي الآخرة برفع محلك { ويهديك صراطا مستقيما } قيل: يدلك على الطريق المستقيم بألطافه { وينصرك الله نصرا عزيزا } أي عاليا.

[48.4-9]

Unknown page