218

Tafsir

تفسير الأعقم

Genres

[28.68-76]

{ وربك يخلق ما يشاء ويختار } والآية نزلت جوابا لقول الوليد حيث قال:

لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم

[الزخرف: 31] والله تعالى يختار ما هو أصلح لهم والله أعلم بعواقب الأمور، وقيل: يختار للنبوة { ما } يصلح لها ليس لهم أن يختاروا بل يجب أن يتبعوا أمر الله، وقوله: { ما كان لهم الخيرة } بيان لقوله ويختار، والمعنى أن الخيرة لله في أفعاله وهو أعلم بوجوه الحكمة { سبحان الله وتعالى عما يشركون } أي تنزيها عن شريك له في خلقه { وربك يعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون } لأنه يعلم الضمائر والسرائر { وهو الله لا إله إلا هو له الحمد في الأولى والآخرة } أي هو مستحق الحمد في الدارين دائما إلى يوم القيامة { وله الحكم وإليه ترجعون } ثم بين تعالى ما يدل على توحيده فقال سبحانه: { قل } يا محمد لهؤلاء: { أرأيتم ان جعل الله عليكم الليل سرمدا } دائما { إلى يوم القيامة } لا يكون معه نهار { من إله غير الله يأتيكم بضياء أفلا تسمعون } ما بينه لكم؟ { قل } يا محمد { أرأيتم ان جعل الله عليكم النهار سرمدا إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بليل تسكنون فيه } تستريحون { أفلا تبصرون } { ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه } يعني تسكنوا في الليل { ولتبتغوا من فضله } بالنهار { ولعلكم تشكرون } أي تشكروا هذه النعم، ثم عاد الكلام إلى ذكر القيامة فقال سبحانه: { ويوم يناديهم فيقول أين شركائي الذين كنتم تزعمون } انهم شفعاؤكم { ونزعنا } أي أخرجنا { من كل أمة } من أهل عصر وجماعة { شهيدا } ، قيل: هم الأنبياء يشهدون على الناس بالتبليغ وعلى العلماء بالإنذار { فقلنا هاتوا برهانكم } أي حجتكم على صحة ما كنتم عليه من الشرك { فعلموا أن الحق لله } يعني الحق في التوحيد لله، أو علموا أن الحجة كلها لله ولا حجة لهم { وضل عنهم ما كانوا يفترون } أي بطل ما كانوا يكذبون { إن قارون كان من قوم موسى } ، قيل: كان من بني إسرائيل نسبا، وقيل: كان ابن عم موسى، وقيل: كان من قومه ممن آمن به وقبل دينه، وقيل: كان موسى ابن أخيه، وقيل: كان ممن يقرأ التوراة { فبغى عليهم } أي طلب زيادة ليست له، واختلفوا في البغي فقيل: كان بغيه انه كان يستخف بهم ويتكبر عليهم بكثرة ماله وولده، وقيل: كان عاملا لفرعون على بني إسرائيل فكان يبغي عليهم ويظلمهم، وقيل: قصد إلى امرأة بغية مشهورة بذلك وضمن لها مالا على أن تقول أن موسى طلبني الفساد فأجابته إلى ذلك، فجاءت إلى موسى وأرادت أن تقول ذلك فأمسك الله لسانها عنه فجرى على لسانها براءة موسى فقالت: أن قارون ضمن لي مالا على أن أقول لموسى كذا وان موسى بريء الساحة { وآتيناه من الكنوز } يعني أعطيناه من الأموال المدخرة { ما إن مفاتحه } جمع مفتح وهو المفتاح الذي يفتح به { لتنوء } لتثقل، ويقال ناء به الحمل إذا أثقله، والعصبة: الجماعة من العشرة إلى الأربعين، وقيل: ستون، وقد قيل: إن مفاتيح خزائنه حمل ستون بغلا وكانت من الجلود { أولي القوة } أي تلك العصبة لهم { إذ قال له قومه } من بني إسرائيل { لا تفرح } أي.

... { إن الله لا يحب الفرحين } كقوله:

ولا تفرحوا بما آتاكم الله

[الحديد: 23] ولأنه لا يفرح بالدنيا إلا من رضي بها واطمأن إليها وأما من قلبه إلى الآخرة ويعلم أنه يفارق ما هو فيه عن قريب لم تحدثه نفسه بالفرح، والفرحين الأشرين البطرين.

[28.77-82]

{ وابتغ فيما أتاك الله الدار الآخرة } من العلم والمال { ولا تنس نصيبك من الدنيا } وهو أن تأخذ منه ما يكفيك ويصلحك، وقيل: ما قدمت بين يديك من الدنيا لا ما خلفته فهو حق للوارث، وقيل: اطلب بدنياك آخرتك فإن ذلك حصن المؤمن منها { وأحسن } إلى عباد الله { كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض } ما كان عليه من الظلم والبغي { إن الله لا يحب المفسدين } أي لا يريد إكرامهم، وقيل: إن القائل موسى: { قال } يعني قارون { إنما أوتيته } أعطيته { على علم عندي } أي على استحقاق لما في العلم الذي فضلت به على الناس وذلك أنه كان أعلم بني إسرائيل بالبراءة، وقيل: هو علم الكيمياء، وقيل: كان موسى (عليه السلام) يعلم علم الكيمياء تعلم قارون منه، وقيل: علم قارون الكيمياء من أخت موسى { أولم يعلم أن الله قد أهلك من قبله من القرون من هو أشد منه قوة وأكثر جمعا ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون } ، قيل: الملائكة لا يسألون عنهم لأنهم يعرفونهم بسيماهم، وقيل: لا يسألون لأن الله يعلمها { فخرج على قومه في زينته } ، قيل: خرج ومعه أربعة آلاف على زينته، وقيل: عليهم وعلى خيولهم الديباج الأحمر وعن يمينه ثلاثمائة غلام وعن يساره ثلاثمائة جارية، وقيل: في تسعين ألفا عليهم المعصفرات وهو أول من لبسها { قال الذين يريدون الحياة الدنيا يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون } ، ومن الحسد كقوله:

ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض

Unknown page