{ واتل عليهم نبأ ابراهيم } عطف قصة إبراهيم على موسى تسلية لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ووعدا له بالنصر ورجوا لقومه، يعني اقرأ عليهم خبر إبراهيم { إذ قال لأبيه } آزر { وقومه ما تعبدون } { قالوا نعبد أصناما فنظل لها عاكفين } أي لا نزال مقيمين على عبادتها ملازمين لها { قال هل يسمعونكم إذ تدعون } { أو ينفعونكم أو يضرون } فأجابوه وسلكوه طريقة التقليد { قالوا بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون } كما نفعله في عبادة الأصنام { قال أفرأيتم ما كنتم تعبدون أنتم وآباؤكم الأقدمون } { فإنهم عدو لي } يوم القيامة إن عبدتهم في الدنيا، وقيل: أراد بالعداوة البراءة، وقيل: لم يرد العداوة ولكن أخبر أنهم لا يصلحون للعبادة { إلا رب العالمين } استثناء كأنه قال: إلا رب العالمين فإنه معبودي الذي أحب عبادته، ثم وصفه بما يدل على كمال قدرته وأنه سبحانه مستحق للعبادة فقال: { الذي خلقني فهو يهدين } لأن جميع النعم تتم بالهداية، وقيل: الذي يدلني على سبل الخير { والذي هو يطعمني ويسقين } { وإذا مرضت فهو يشفين } فأضاف المرض إلى نفسه لأن أهل اللغة يقولون: مرض فلان فيضاف إليه، وقيل: إذا مرضت بالذنوب شفاني بالتوبة عن الصادق { والذي يميتني ثم يحيين } للجزاء { والذي أطمع } أرجو، وهذا طمع يقين { أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين } يوم القيامة والجزاء قيل: أراد الصغائر، وقيل: فيه فوائد أولها الاعتراف بالخطأ، والثاني الانقطاع إلى الله، وقيل: هو قوله:
إني سقيم
[الصافات: 89]، وقوله:
بل فعله كبيرهم
[الأنبياء: 63] وقوله لسارة: هي أختي، وما هي إلا معارض كلام للكفرة { رب هب لي حكما } ، قيل: فهما وعلما، والمراد زيادة العلم { وألحقني بالصالحين } أي بلطفك الذي يؤدي إلى الاجتماع بالنبيين والمؤمنين { واجعل لي لسان صدق في الآخرين } ، قيل: ثناء حسنا { واجعلني من ورثة جنة النعيم } ، قيل: ممن يكون له في الجنة حظ { واغفر لأبي } ، قيل: دعا له بموعدة وعدها إياه، وقيل: آمن به في السر { ولا تخزني يوم يبعثون } ولقد أجابه حيث قال:
وإنه في الآخرة لمن الصالحين
[البقرة: 130] { يوم لا ينفع مال ولا بنون } { إلا من أتى الله بقلب سليم } خالص من الذنب والشك والبدع، وإذا سلم القلب سلمت باقي الجوارح { وأزلفت الجنة للمتقين } ، قيل: قربت له حولها، وقيل: هذا من كلام إبراهيم، وقيل: بل هو ابتداء كلام الله تعالى { وبرزت الجحيم للغاوين } أي أظهرت حتى يرونها أهل الجمع { وقيل } لهم أي للغاوين { أين ما كنتم تعبدون } { من دون الله } يعني الأوثان التي عبدتموها { هل ينصرونكم أو ينتصرون } لأنفسهم، هذا توبيخ.
[26.94-118]
{ فكبكبوا فيها هم والغاوون } أي كبوا على وجوههم في النار هم والغاوون هم { وجنود ابليس أجمعون } شياطينه، ومتبعوه من عصاة الجن والإنس { قالوا وهم فيها يختصمون } يجوز أن ينطق الله الأصنام حتى يصح التقاول والتخاصم ، ويجوز أن يجري ذلك بين العصاة والشياطين { تالله إن كنا لفي ضلال } عن الحق { إذ نسويكم برب العالمين } والتسوية إعطاء أحد الشيئين مثل ما يعطي الآخر أي نشرككم وإياه في العبادة والطاعة، فقبلنا منكم ورددنا على الأنبياء { وما أضلنا } يعني أغوانا { إلا المجرمون } وهم الشياطين، وقيل: رؤساؤهم وكبراؤهم كقوله:
إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا
Unknown page