[النساء: 10] ولا يكلمهم الله اي لا يكلمهم بما يحبون ويسرهم، وقيل: هو كناية عن غضبه عليهم ثم السؤال يقع من الملائكة بأمره تعالى { ولا يزكيهم } اي لا ينسبهم الى التزكية ولا يثني عليهم { فما اصبرهم على النار } قيل: في الآخرة، وقيل: في الدنيا ما أجرأهم على النار أي على العمل المؤدي اليها، وقيل: ما أعملهم بأعمال أهل النار { ذلك بان الله نزل الكتاب بالحق } قيل: هو القرآن، وقيل: هو التوراة { وان الذين اختلفوا } قيل: هم الكفار قالوا: هو سحر، وقيل: هم اليهود والنصارى حرفوا وكتموا قوله تعالى { ليس البر ان تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب } الآية نزلت في اليهود قيل: ان رجلا سأل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عن البر فانزل الله تعالى هذه الآية وكان الرجل قبل الفرائض اذا اتى بالشهادتين ثم مات يطمع في الجنة فلما هاجر وفرضت الفرائض انزل الله هذه الآية وانه زعم كل واحد من الفريقين أن البر التوجه إلى قبلته فرد عليهم، وقيل: ليس البر ما أنتم عليه فانه منسوخ خارج من البر { ولكن البر } ما نبينه الذي يجب الاهتمام به وصرف الهمة اليه بهذه الأعمال. { والكتاب } جنس كتب الله والقرآن { واتى المال على حبه } يعني مع حب المال والشح به، وقيل: على حب الله تعالى { والموفون بعهدهم اذا عاهدوا } يعني عوهدوا امورا لزمتهم بعقودهم ونذورهم وأيمانهم، وقيل: ما عاهدوا الله تعالى عليه من الطاعات، وقيل: الأيمان وإيفاؤها في كفاراتها { والصابرين في البأساء } يعني الفقر والشدة { والضراء } المرض { وحين البأس } يعني حين القتال.
[2.178-182]
قوله تعالى: { يأيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص } روي عن ابن عباس ان الآية نزلت في حيين من العرب اقتتلوا قبل الإسلام وكان بينهم قتلا وجراحات ولأحدهما على الآخر طولا في الكبر والشرف فكانوا ينكحون نساءهم بغير مهور واقسموا لنقتلن بالعبد حرا وبالمرأة منا الرجل منهم وبالولد اثنين وجعلوا جراحاتهم ضعفين على جراحات أولئك فلم يأخذ بعضهم من بعض حتى جاء الإسلام فرفعوا امرهم الى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وظنوا ذلك فانزل الله تعالى هذه الآية، وقيل: نزلت في حيين من الانصار قوله تعالى: { كتب عليكم } اي فرض عليكم وهذا يقتضي الوجوب فيجب على القاتل تسليم النفس وليس له الامتناع { الحر بالحر } قيل: الحر لا يقتل بالعبد والذكر لا يقتل بالانثى يأخذ بهذه الآية مالك والشافعي وقالوا هي مفسرة لما أبهم في قوله: { النفس بالنفس } وعند أبي حنيفة واصحابه انها منسوخة بقوله تعالى: { النفس بالنفس } والقصاص ثابت بين الحر والعبد والذكر والانثى فاستدلوا بقول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم):
" المؤمنون تتكافأ دماؤهم "
{ واداء اليه باحسان } ، قيل: على العافي الاتباع باحسان وعلى المعفو عنه الأداء إليه بإحسان { ذلك تخفيف من ربكم ورحمة } قيل: كان اهل التوراة يقتلون ولا يأخذون الدية فجعل الله تعالى لهذه الأمة التخفيف ان شاء قتل وان شاء اخذ الدية وان شاء عفى { فمن اعتدى بعد ذلك } بأن قتل بعد الدية والعفو، وقيل: قتل غير قاتله، قوله تعالى: { ولكم في القصاص حياة يا اولي الالباب } يأيها المخاطبون { حياة } لأن من هم بالقتل فذكر القصاص ارتدع ففيه حياة اي بقاء { والألباب } العقول { لعلكم تتقون } قيل: تتقوا القتل خوف القصاص، قال جار الله: وهي الحاصلة بالارتداع من القتل من وقوع العلم بالقصاص من القاتل لأنه اذا هم بالقتل فعلم انه يقتص منه فارتدع سلم صاحبه من القتل وسلم هو من القود فكان القصاص هو سبب الحياة، وقيل: تتقون ربكم باجتناب معاصيه،قوله تعالى: { كتب عليكم اذا حضر أحدكم الموت } الآية، قيل: كانوا يوصون للأبعد طلبا للفخر ويعدلون عن الأقربين فلما نزلت آية المواريث قال (صلى الله عليه وآله وسلم):
" ان الله قد اعطى كل ذي حق حقه ولا وصية لوارث "
ذكر ذلك في نزول الآية، وقوله { اذا حضر احدكم الموت } يعني اسباب الموت من مرض وغيره، وقيل: فرض عليكم الوصية في حال الصحة { ان ترك خيرا } يعني مالا قيل: تجب { الوصية } في الكثير والقليل، وقيل: الف درهم، وقيل: خمسمائة درهم، وعن علي (عليه السلام): " اربعة آلاف درهم " { للوالدين والاقربين } قيل: كانت الوصية لهم واجبا ثم نسخ، وقيل: هي محكمة، وقيل: منسوخة فيمن يرث ثابتة فيمن لا يرث، وقيل: نسخت بآية المواريث وأولو الارحام بعضهم اولى ببعض الآية، وقيل: بالسنة وهي قوله (صلى الله عليه وآله وسلم):
" ألا لا وصية لوارث "
{ بالمعروف } بالعدل وهو ان لا يوصي للغني ويدع الفقير ولا يجاوز الثلث، وقوله: { حقا } مصدر مؤكد اي ذلك حق { فمن بدله بعد ما سمعه } من الوصي والشهود { فمن خاف من موص جنفا } اي خشي، وقيل: علم يعني الذي اوصى له هو الميت ويحتمل اذا اوصى ومال عن الحق، قيل: حيث يوصي بأكثر من الثلث، وقيل: ان يعدل عن الطريق المشروعة { فأصلح بينهم } ، قيل: الوصي، وقيل: الولاة، بينهم: بين أهل الوصايا وأهل الميراث، والإصلاح ان يرد الأمر الى حقه.
[2.183-186]
Unknown page