378

{ أسمع } أيها السميمع { بهم } أي: بأنينهم وحنينهم { وأبصر } أيها المبصر بأغلالهم وسلاسلهم { يوم يأتوننا } للعرض والحساب مضطرين مسحوبين { لكن الظالمون } الخارجون عن مقتضى أوامرنا ونواهينا { اليوم } الذي في النشأة الأولى { في ضلال مبين } [مريم: 38] وجهل عظيم عن أهوال يوم القيامة وأفزاعه.

[19.39-51]

{ وأنذرهم } يا أكمل الرسل من عندك لهم { يوم الحسرة } المعدة للجزاء؛ بحيث لا يكون فيها التلاقي والتدارك على مفات سوى الحسرة والندامة الغير المفيدة { إذ قضي الأمر } ونزل العذاب ومضى زمان امتثال المأمور { و } الحال أنه { هم في غفلة } وغرور عن مضيه { وهم لا يؤمنون } [مريم: 39] ولا يصدقون بإتيان هذا اليوم الموعود على ألسنة الرسل والكتب، وكيف لا يصدقون هذا اليوم أولئك الكاذبون المكذبون المستغرقون في بحر الغفلة والضلال التائهون في تيه الغرور.

{ إنا } من مقام قهرنا وجلالنا { نحن } بانفرادنا ووحدتنا { نرث الأرض ومن عليها } بعد انقهارها واضمحلال أجزائها وتشتيت أركانها بمقتضى القدرة الغالبة؛ بحيث صار كل من عليها فان، ولم يبق سوى وجهنا الكريم وصفاتنا القديمة، فانقلبت تجلياتنا المتشعشعة المتجددة من هذا النمط البديع إلى نمط أبدع منه وأكمل؛ إذ نحن في كل يوم وآن شأن، ولا يشغلنا شأن عن شأن.

{ و } كيف لا نرث من على الأرض الوجود وفضاء الشهود؛ إذ الكل { إلينا يرجعون } [مريم: 40] رجوع الظل إلى ذي الظل، والأمواج إلى البحر، والأضواء والأظلال إلى شمس الذات، وبعد رجوع الكل إلينا نودي من وراء سرادقات عزنا وجلالنا:

لمن الملك اليوم

؟! وأجيب أيضا منها؛ إذ لا يجب الوجود لسوانا:

لله الواحد القهار

[غافر: 16] للأظلال والأغيار.

{ واذكر } يا أكمر الرسل { في الكتاب } المتلو عليك المنزل إليك جدك { إبراهيم } أي: محامد أخلاقه ومحاسن شيمه؛ لتنتفع بها أنت ومن معك من المؤمنين، وتمتثل بأخلاقه أنت وهم { إنه كان صديقا } صدوقا مبالغا في الصدق والصداقة وتصديق الحق وتوحيده { نبيا } [مريم: 41] من خلص الأنبياء.

Unknown page