272

{ فلولا } أي: فهلا { كان من القرون } اللات خلون { من قبلكم } وفيها { أولوا بقية } أي: ذوو رأي ونهية وفضل وتدبير { ينهون } برأيهم وتدبيرهم { عن الفساد } الواقع { في الأرض } ولكنا ما أبقينا عليها منهم { إلا قليلا ممن أنجينا منهم } أي: من عقلائهم، ليتبع لهم العوام فينجوا من الآثام { و } مع ذلك لم يتبعوا حتى ينجوا، بل { اتبع الذين ظلموا } أنفسهم بالعرض على عذا ب الله والخروج عن مقتضى حدوده ب { مآ أترفوا فيه } أي: المترفهة المتنعمة من ذوي اللذات والشهوات، فاهتموا بتحصيل أسبابها { وكانوا } بميلهم إلى الهوى واللذات { مجرمين } [هود: 116] مستحقين لأنواع العقوبات.

{ وما كان ربك } أي: ليس من سنته وجري عادته { ليهلك القرى بظلم } بشرك وكفر صدر عنهم { وأهلها مصلحون } [هود: 117] أي: والحال أن أهلها مصلحون على الأرض لا مفسدون فيها؛ يعني: لا يأخذهم سبحانه بمجرد حق الله بلا انضمام حقوق العباد إليه، بل إنما أخذهم الله حين فشا الفسوق والمراء، وظهر الفساد والجدال بين العباد.

كيف { ولو شآء ربك } من غاية لطفه لعباده { لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين } [هود: 118] متفقة على التوحيد بلا مخالفة منهم.

{ إلا من رحم ربك } وجعل فطرته على صرافة التوحيد { ولذلك } التوحيد والعرفان { خلقهم } وجبلهم { و } بالجملة: { تمت كلمة ربك } بوضع الاختلاف بين استعدادات عباده حسب تجلياته وشئونه على مقتضى أوصافه وأسمائه المتقابلة بحسب الكمال { لأملأن جهنم } التي أعدت للأشقياء المردودين المنحرفين عن جادة العدالة الإلهية والقسط الحقيقي { من الجنة } أي: الشياطين { والناس } التابعين لهم والمقتفين أثرهم { أجمعين } [هود: 119] أي: منهما جميعا.

[11.120-123]

{ وكلا } أي: كل قصة { نقص عليك } يا أكمل الرسل { من أنباء الرسل } العظام من جملة { ما نثبت به } ونقرر على التوحيد { فؤادك } إذ بكل قصة من القصص المذكورة ينشرح صدرك للتوحيد { وجآءك في هذه الحق } أي: الشهود والانكشاف التام خاصة { وموعظة وذكرى للمؤمنين } [هود: 120] الذين يصدقونك ويقتفون أثرك.

{ وقل للذين لا يؤمنون } بك وبدينك ويكتابك مماراة لهم ومباهلة { اعملوا على مكانتكم } أي عمل شئتم { إنا عاملون } [هود: 121] على مكانتنا وشأننا بتوفيق اللهز

{ وانتظروا } بأي شيء انتظرتم { إنا منتظرون } [هود: 122] العلم عند الله.

إذ { ولله } لا لغيره { غيب السموت والأرض } أي: الإطلاع عليهما وعلى مكنوناتهما { وإليه } لا إلى غيره { يرجع الأمر كله } إذ لا شيء ولا أمر إلا هو { فاعبده } حق عبادته { وتوكل عليه } حق التوكل والتفويض { وما ربك } يا أكمل الرسل المحيط علمه بجميع ذرائر الأكوان إحاطة حضور { بغافل عما تعملون } [هود: 123] من الإخلاص في العبادة والتبتل والتوكيل والتفويض والرضاء ةالتسليم.

خاتمة السورة

Unknown page