327

Tafsīr al-Rāghib al-Aṣfahānī

تفسير الراغب الأصفهاني

Editor

د. هند بنت محمد بن زاهد سردار

Publisher

كلية الدعوة وأصول الدين

Publisher Location

جامعة أم القرى

قوله ﷿:
﴿تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾
الآية (١٤١) - سورة البقرة.
أعادت هذه الآية من أجل أن العادة مستحكمه في الناس صالحهم وطالحهم أن يفتخروا بآبائهم ويقتدوا بهم في متحرياتهم سيما في أمور دينهم، ولهذا حكى عن الكفار قولهم: ﴿إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ﴾، فأكد الله تعالى القول في إنزالهم عن هذه الطريقة، وذكر في أثر ما حكى من وصية إبراهيم ويعقوب ببنيه بذلك تنبيها أن الأمر سواء على ما قلت أو لم يكن، فليس لكم ثواب فعلهم ولا عليكم عقابه، وفي الثاني لا ذكر ادعاءهم اليهودية والنصرانية لآبائهم أعاد أيضا تأكيدا عليهم تنبيهًا على نحو ما قال: ﴿وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ﴾، وقوله: ﴿لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ﴾، وقوله: ﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾، ولما جرت به عادتهم، تقررت به معرفتهم كل شاة تناط برجليها.
قوله ﷿:
﴿سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾
الآية (١٤٢) سورة البقرة.
السفيه كل معتقد باطلًا يسرع إلى إظهار معتقده، ولا يكون له ثبات، والقبلة وإن كانت في الأصل اسمًا للحال التي عليها الإنسان من الاستقبال كالجلسة والقعدة، فقد صار في التعارف للمكان المتوجه نحوه للصلاة، وهؤلاء السفهاء المنكرون لتغيير القبلة اليهود على ما رد عن ابن

1 / 327