293

Tafsīr al-Rāghib al-Aṣfahānī

تفسير الراغب الأصفهاني

Editor

د. هند بنت محمد بن زاهد سردار

Publisher

كلية الدعوة وأصول الدين

Publisher Location

جامعة أم القرى

قوله ﷿:
﴿وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾
الآية (١١١) - سورة البقرة.
البرهان: كل حجة لا يعتريها شبهة بوجه.
وهود، قال الفراء: أصله يهود، فحذف ياؤه لكونها زائدة، وقال غيره: هو جمع هايد أي تائب نحو: ﴿إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ﴾، وكأنه كان في الأصل اسم مدح لمن تاب منه، ثم صار بعد نسخ شريعتهم لازمًا لجماعتهم كالعلم لهم وجعل مقالهم ذلك، أماني من حيث أن الأمنية مقال منيعة عن تقدير، فيستعمل تارة في التقدير حقًا كان أو باطلا على ذلك، حتى بين ما تمنى لك الماني، وتارة في المقال، وقوله: (لن يدخل) كلام " ملفوف " وتقديره: قالت اليهود لن يدخل الجنة إلا من كان هودًا، وقالت النصارى: لن يدخلها إلا النصارى فأجمل اكتفاء بعلم السامع أن يرد كلأ إلي ما يقتضيه ونحوه في الإجمال قوله- ﷿ ﴿جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ﴾.
ثم [كذبهم] بعجزهم عن إقامة البرهان على ما ادعوه.
قوله- ﷿ ﴿بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾
بل: رد لدعواهم وإثبات لضد حكمهم، والإسلام: الدخول في السلم، وقيل للانقياد إسلام، نحو:
كَمَاَ أسْلمَ السَّلْكَ منْ نِظْمه ...
لألئ منُحْدراتٍ صغَارًا
لأن الانقياد للمسالم من مقتضى السلم، وجعل الإسلام في الشرع ضربين، ضربًا قبل الإيمان دونه، وهو الاعتراف باللسان الذي يحقن الدماء حصل معه الاعتقاد الصحيح أو لم يحصل، وإياه

1 / 293