ولما تضمن أخذ الوثاق معنى الوصية حمل عليه قوله: (وبالوالدين إحسانا) واختلف في قوله تعالى: ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا﴾، فذهب بعضهم إلى أنه منسوخ بأية السيف، لأن المسلمين أمروا في الارتداء أدت يتلقوا الكافر أو المسلم بالحسنى، ثم أمروا بالتغليظ والقتال، وقيل: لا نسخ فيه وهو الأصح، لأن ذلك كقوله: ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ﴾ لآية، ولأن قتالهم لا يمنع من أن يقاد لهم أولًا قول حسن، كما قاد موسى- ﵇ ﴿فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا﴾، ثم قوله: ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا﴾، يصح أن يكون نهيًا عن المقادح والكذب، ثم هذه الاية ليست خطابا للمسلمين من هذه الأمة، وإنما هي حكاية ما أمر به بنو إسرائيل، وهما خطاب للأسلاف من بني إسرائيل، وقيل:
هو خطاب لن كان في زمان رسول الله ﷺ منهم، وقيل قوله: ﴿ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ﴾ خطاب للسلف، وقوله: ﴿وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ﴾ خطاب لمن كان في زمنه،
إن قيل: ما فائدة قوله: ﴿وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ﴾ بعد قوله:.
﴿ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ﴾ قيل فيه ثلاثة أقوال، الأول: أن قوله ﴿وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ﴾ حال مؤكدة، لأن تقديره: (ثم توليتم معرضين)، ذلك على قول من جعلها خطابًا لفريق واحد، والثاني أن التولي قد يكون لحاجة تدعو إلى الانصراف مع ثبوت العقد والإعراض هو الانصراف عن الشيء بالقلب، والثالث: أن التولي والإعراض في دلك مثل مأخوذ من سلوك الطريق، وإدا اعتبرنا حال سالك المنهج في ترك سلوكه، فله حالتان، إحداهما: أن يرجع عوده على بدئه، وذاك هو التولي، والثانية: أن يترك النهج ويأخذ في