٣ - أن الأم عند الإطلاق لا يدخل فيها الأم من الرضاعة، ووجه ذلك: أنه لو كانت الأم من الرضاع تدخل في الأم عند الإطلاق، لما احتيج إلى قوله: ﴿وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ﴾؛ لأنها تدخل في قوله: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ﴾، ويتفرع عن هذه الفائدة: أن أم الزوجة من الرضاع لا تدخل في قوله: ﴿وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ﴾؛ لأنه عند الإطلاق لا تدخل فيها الأم من الرضاع، فإذا قال قائل: أم الزوجة من الرضاع حرام، لدخولها في عموم قوله: ﴿وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ﴾.
فنقول: لا نسلم بهذا؛ لأن الأم عند الإطلاق لا تدخل فيها الأم من الرضاع، بدليل قوله: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ﴾ ﴿وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ﴾، ولو كانت الأم عند الإطلاق تدخل فيها الأم من الرضاعة لكان في الآية تكرار منافٍ للبلاغة.
٤ - ثبوت الأمومة بالرضاع، وعلى هذا فيصح أن يقول القائل لمن أرضعته: أمي، لكن لا ينبغي أن يقولها إلا مقيدة؛ لأن الله قيدها، فقال: ﴿وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ﴾، فيقول: أمي من الرضاعة؛ لئلا يتوهم السامع أنها أم من النسب.
ويتفرع عن هذه الفائدة: أن ما يطلقه كثير من الناس على زوجة الأب أنها عمة، وبعضهم يسميها خالة، على الإطلاق، وكذلك ما يفعله بعض الناس من إطلاق اسم العم أو الخال على أبي الزوجة، فيقول: عمي، أو خالي، وهذا غلط؛ لأنها تسمية لا تصح لغة، ولا شرعًا، وتُوهم، ولهذا نهى النبي ﷺ عن تسمية العشاء بالعتمة، فقال: "لا يغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم