110

Tafkir Cilmi

التفكير العلمي ومستجدات الواقع المعاصر

Genres

3

ولم يكتف هؤلاء بذلك ، بل شنوا هجوما عنيفا على صحة العلم؛ حيث رأوا أن أحكام العلم لا تعبر عن وقائع طبيعية، ولا تنطلق من أساس تجريبي أو واقعي معين، إنما تنبع من أحكام سابقة سبق أن حصل الاتفاق حولها بنسبة ما، فتكون أحكام العلم مقبولة لدى جماعة العلماء. وهذا القبول لا يأتي من كونها تحمل تفسيرا صائبا لوقائع معينة، ولا من كونها تتمتع بموضوعية ما، بل إن ذلك القبول مشروط بالتضامن بين الجماعة التي تأخذ بها لاعتبارات ظرفية. وهذا أدى إلى قلق كثيرين في الأوساط العلمية، خاصة ما جرى للغة البناء الاجتماعي من استبدال وتغيير بعض المصطلحات، ومحاولة السيطرة السياسية للعلم في المجتمع.

4

وفي عام 1996م أخرجت «جامعة ديوك

Duke » الأمريكية مجلتها الأكاديمية، التي كانت بعنوان «النظرة النقدية لما بعد الحداثة»، وأشارت فيها إلى حروب العلم في مقالات مختصرة ووجيزة؛ فقد استخدم الأكاديميون لغة وفكر ما بعد الحداثة في العلوم الاجتماعية والإنسانية، وظهر بذلك دور المجتمع والسياسة في العلم. وفي مقدمة الأطروحة علق المحرر «أندرو روس

Andrew Ross » قائلا: «إن الهجوم على دراسات العلم كان نتيجة تقليص الدعم المادي للعلوم في الولايات المتحدة مع نهاية الحرب الباردة؛ حيث كان الكونجرس يهدد بوضع تخفيضات أخرى من التمويل الحكومي للعلم، بالإضافة إلى نقص التمويل المادي للعلوم الإنسانية.»

5

وهذا ما يؤكده بعض الباحثين فيقول: «إن ما يسمى بحروب العلم يتمثل في أن أنصار العلوم الإنسانية يقفون في مواجهة ضد كل ما يتعلق بالعلوم الطبيعية، هذه المواجهة أخذت شكل معارك فكرية حول نظرية المعرفة، والميثودولوجيا، والإبستمولوجيا، والمنطق. واشتعال الحروب بينهم، أثار اهتمام الرأي العام على نطاق واسع، مما أدى إلى قلق كثيرين في الأوساط العلمية.»

6

وفي تلك الأثناء قام أحد الأساتذة المتخصصين في الفيزياء الرياضية بجامعة نيويورك، ويدعى «آلان سوكال

Unknown page