109

Tafkir Cilmi

التفكير العلمي ومستجدات الواقع المعاصر

Genres

تقديم

شهدت أقسام العلوم الإنسانية في كليات الآداب بالجامعات الأمريكية في أوائل ثمانينيات القرن العشرين عددا كبيرا من الأساتذة والمفكرين الفرنسيين الذين يتبنون أفكار ما بعد الحداثة. وقد ثبت أن طريقة هؤلاء في معالجة قضايا الواقع ومستجداته خالية من أية معان عميقة، أو بلا معنى على الإطلاق. وقد ذكر الصحفي اللامع الأستاذ «فاضل السلطاني» في مقال له بجريدة «الشرق الأوسط »، بعنوان «الفرنسيون آخر من يعلم»، أن هذا الانطباع عن الفلاسفة والنقاد الفرنسيين المحدثين ليس جديدا في أمريكا؛ فهو معروف منذ دخلت بعض أفكارهم إلى بعض الجامعات الأمريكية العريقة.

1

ويصور هذا الانطباع مقال نشر في المجلة الأسبوعية لجريدة نيويورك تايمز منذ عام 1985م، عن «الغزو الفرنسي» لأقسام الأدب في الجامعات الأمريكية (وقد نشرت جريدة الهيرالد تريبيون

Herald Tribune

ملخصا وافيا له؛ بعنوان: التفكيكية وما إليها: من غابة النقد في جامعة ييل).

2

وفي أواخر تسعينيات القرن العشرين نشبت ظاهرة حروب العلم

Science Wars

داخل أقسام الإنسانيات بالجامعات الأمريكية؛ حيث أخبرنا عنها المفكر الأمريكي «جيمس تريفل»، قائلا: «يمكن القول في البداية إن حروب العلم نشبت بفعل فلسفة ما بعد الحداثة غير التقليدية، التي سرت كالعدوى داخل أقسام الإنسانيات في الجامعات الأمريكية في أواخر القرن العشرين. وتأسيسا على النظرية الأدبية الفرنسية، فقد أكدت وجهة النظر هذه البناء الاجتماعي للمعرفة؛ ومن ثم فإنها تنكر عادة صواب فكرة الحقائق الموضوعية. ونعرف أن أشد دعاتها تطرفا (وما أكثرهم!) قد انحدروا إلى صورة مبتسرة من الذاتية أو الأحادية المطلقة.»

Unknown page