231

Tadhkirat Rashid

تذكرة الراشد برد تبصرة الناقد

وأما ذكر قول منها في موضع، وثانيا في موضع، وثالثا في موضع، ورابعا في موضع، وهكذا من دون الإشارة إلى وقوع الاختلاف في ذا، فهو الذي يعده الفضلاء تناقضا وتهافتا، ويتعقبون مرتكبه؛ بأن في كلامك تعارضا وتساقطا، فبين الصورتين بون بين، وبين صنيعك وصنيعي فرق غير هين.

وقوله: وهذا دأب قديم للعلماء.

إن أراد به أن نقل الاختلاف في أمر بدون ترجيح دأب قديم لهم، فهو صحيح غير نافع، وإن أراد أن ما ارتكبت أنت دأب قديم لهم؛ فهو افتراء واضح، فلم يزل العلماء شرقا وغربا، يعدون هذا وصفا مستبشعا، أو صنعا مستشنعا، وينادون بأعلى النداء: إن من فعل مثله كثير التخليط والتغليط، فليجتنب عنه أولوا الفضل من الرجال والنساء، وليسم لي واحدا من العلماء الناقدين فعل مثل فعلك، واختار سيرتك، وسار كسير النائمين.

وقوله: على أن دعوى دلالة السكوت... الخ.

شيء عجاب بلا ارتياب؛ فإنه لو لم يدل السكوت على التزام الصحة مطلقا، ولو ظاهرا لارتفع الأمان عن تأليفات علماء الشأن، لاسيما من العلماء الذين يدعون انتضاب نفوسهم بإحياء السنن، وإماتة بدع المبتدعين، ويرجون أن يلقبوا بمجددي الدين.

فإن كل مسألة، أو واقعة، أو رواية حديثية ذكروها وسكتوا عليها، يسري احتمال كون السكوت للتردد فيها، فلا يمكن أن يجزم بانتساب أمر فقهي، أو حديثي، أو اعتقادي، أو تاريخي إلى من ينص عليه ساكتا؛ لاحتمال أن يكون مترددا.

Page 256