221

Tadhkirat Rashid

تذكرة الراشد برد تبصرة الناقد

وإن اختار أولهما وقع الإفتاء بأن مطالعة كتبه حرام على المتوسطين، ولا يجوز نقل شيء عن كتبه إلا للمتوقدين، وأنه خارج عن عداد الفضلاء المصنفين، وخارق لعادة الكملاء المؤلفين، وليست سيرته كسيرة أرباب الفضل، بل كسيرة أرباب الجهل.

وأيضا يسأل عنه: هل أنت تحفظ ما قرأت وما كتبت؟ وتقف على ما قدمت يداك سابقا؟ وتعرف الفرق بينه وبين ما تسطر آنفا؟

فإن قال: نعم؛ أخذ بما يدل على خلافه من كثرة معارضاته ومخالفاته.

وإن قال: لا؛ عد من المغفلين والمتروكين، وهجر كهجر من كثرت عليه رواية الشواذ والمناكير حتى استحق الترك والنكير، وشبه بمؤذن وقاض ذكر قصتهما صاحب ((المستطرف من كل فن مستظرف)) في (الفصل الثامن) من (الباب السادس والسبعين) بقوله: شوهد مؤذن يؤذن من رقعة، فقيل له: ما تحفظ الأذان؟

فقال: سلوا القاضي.

فأتوه فقالوا: السلام عليكم.

فأخرج دفترا وتصفحه، وقال: وعليكم السلام.

فعذروا المؤذن. انتهى.

وعيب عليه الإقدام على صنعة التأليف، التي لا يتم أمرها إلا بالحفظ والتمييز بين القوي والضعيف؛ فإن من لا حافظة له، ولا متصرفة له، لا يجوز له الدخول في هذه المسالك، فلكل فن رجل، ولكل طريق سالك.

وقيل له: التزم أولا قراءة الأدعية المأثورة لقوة الحافظة، وصل صلاة الحفظ(1)المروية في الأحاديث الثابتة، وتب إلى الله من الذنوب الهالكة، والعيوب الساقطة، ثم ادخل في هذه المسالك الشريفة، وتحمل هذه المحامل الثقيلة.

Page 246