331

Tadhkirat al-khawāṣṣ

تذكرة الخواص‏

Genres

أبا عامر غسل الله من درن الذنوب قلبك وانبع بالحكمة لبك لم يزل قلبي اليك تواقا والى استماع الموعظة مشتاقا بعثك نورا أعيا الاطباء داؤه وأعجز الواعظين شفاؤه وقد بلغني نفع مراهمك للجراح فلا تال رحمك الله في ايقاع الدرياق وان كان مر المذاق فاني ممن يصبر على الم الدواء لما أرجو من الشفاء قال أبو عامر فنظرت الى منظر بهرني وسمعت كلاما افظعني ففكرت طويلا ثم تأتى من كلامي ما تأتى وسهل من صعوبته ما سهل فقلت يا شيخ ارم ببصر قلبك في ملكوت السماء واجل سمع معرفتك في سكان الارجاء ترى بحقيقة ايمانك جنة المأوى وتشاهد ما أعد الله فيها للأولياء ثم اشرف على لظى وما اعد الله فيها للأشقياء فشتان ما بين الدارين أليس الفريقان في الموت سواء قال أبو عامر فان انة وصاح صيحة وزفر زفرة والتوى وقال وقع والله دواؤك على دائي وأرجو ان يكون عندك شفائي زدني يرحمك الله فقلت له يا أخي ان الله عالم بسريرتك مطلع على خفيتك شاهدك في خلوتك بعينه عند استتارك من خلقه ومبارزته فصاح صيحة اعظم من الأولى ثم قال من لفقري وفاقتي من لذنبي وخطيئتي أنت لي يا مولائي واليك ملجئي ومثواي ثم خر ميتا.

قال أبو عامر: فاسقط في يدي وقلت ما ذا جنيت على نفسي فخرجت جارية عليها مدرعة من صوف وخمار من شعر قد ذهب السجود بانفها وجبهتها واصفر لطول القيام لونها وتورمت قدماها فقالت أحسنت والله يا هادي قلوب العارفين ومثير أشجان المحزونين لا أنسى لك هذا المقام رب العالمين يا أبا عامر هذا أبي ابتلى بالسقم منذ عشرين سنة صلى حتى اقعد وصام حتى انحنى وبكى حتى عمي وكان يتمناك على الله ويقول حضرت مجلس أبي عامر مرة فاحيا موات فكري وطرد وسن نومي وان سمعته ثانيا قتلني فجزاك الله من واعظ خيرا ومتعك من حكمتك بما اعطاك فلقد ارحته مما كان فيه ثم أكبت عليه تقبل عينيه وتبكي وتقول يا ابتاه يا من اعماه البكاء على ذنبه أبي يا ابتاه يا من قتله ذكر وعيد ربه أبي يا أبتاه يا من قتله ذكر ربه أبي يا ابتاه حليف الحرقة والبكاء وحليف الاستغفار والدعاء يا قتيل المذكرين والخطباء يا صريع الوعاظ والحكماء قال أبو عامر فقلت لها أيتها الباكية لحالك والبادية الثكلى ان أباك نحبه قد قضى وورد دار الجزاء وعاين كلما عمل وعليه يحصى في كتاب عند رب لا ينسى فمحسن فله الزلفى أو مسيء فوارد دار من حزن وأسى فصاحت الجارية كصيحة

Page 334