الإهداء
عرفان الجميل
تمهيد
خطة الإصلاح في هذا الكتاب
لماذا يكثر وقوع الخطأ؟
من لهذا الأمر؟
تذكرة الكاتب
الإهداء
عرفان الجميل
تمهيد
Unknown page
خطة الإصلاح في هذا الكتاب
لماذا يكثر وقوع الخطأ؟
من لهذا الأمر؟
تذكرة الكاتب
تذكرة الكاتب
تذكرة الكاتب
تأليف
أسعد خليل داغر
الإهداء
يا معشر الكتاب تذكرتي لكم
Unknown page
تجدونها بيد الولاء مسطره
أصلحت فيها ما عثرت عليه من
غلطاتنا اللغوية المتكرره
وعرضت إصلاحي عليكم راجيا
أن تقبلوه على سبيل التذكره
عرفان الجميل
قبل الشروع في طبع هذا الكتاب عرضته على حضرة العلامة النحرير والمحقق الشهير صاحب السعادة أحمد تيمور باشا. فنظر فيه ونبهني إلى أمور أشرت إليها في محلها. ثم تفضل بالكلمة الآتية التي أشرف كتابي بنشرها في صدره ذاكرا لسعادته هذا الجميل بالثناء العطر والشكر الجزيل:
سيدي وصديقي
قرأت كتابك «تذكرة الكاتب» وأنعمت النظر فيه امتثالا لإشارتك لا تطاولا للحكم في مثله. فإذا قلت إنك أجدت وأفدت وأصبت كل الإصابة فيما قصدت فإنما أقوله على ما ظهر لي ووصل إليه علمي وفوق كل ذي علم عليم.
أحمد تيمور
Unknown page
تمهيد
أنا واللغة
ملت منذ حداثتي إلى الكتابة نثرا وشعرا. وأخذ هذا الميل يقوى في على توالي السنين، مصحوبا برغبة شديدة في توخي الصحيح الفصيح واجتناب السقيم الركيك في كل ما أكتبه، على قدر ما يستطيعه جهدي وتصل إليه معرفتي. وظل ذلك دأبي مدة أربعين سنة قضيتها في خدمة اللغة مشتغلا بها في التعليم والنظم وترجمة الكتب وكتابة المقالات في كثير من الصحف والمجلات. فكنت أسر كل السرور بمطالعة ما يكتبه علماء اللغة في الانتقاد، مستعينا به على إصلاح ما أكون قد ارتكبته من الغلط على اختلاف وجوهه وأنواعه، وأستاء جد الاستياء من تعنت بعض الكتاب وعنادهم واستهانتهم بجهابذة النقد وإصرارهم على ارتكاب الخطأ الذي نبهوهم إليه وتصدي طائفة منهم لتغليط المنتقدين وتخطئة المصلحين واتهامهم بالجفاف والجمود.
ومع كل ما طالعته في أثناء هذه السنين الطويلة من الرسائل والمقالات التي وضعها النقاد وأشاروا فيها إلى الخطأ الشائع المستفيض في أقلام الكتاب والشعراء وعلى ألسنة المتكلمين والخطباء، كنت أرى بعين الحزن والأسف أن الفائدة المرتجاة من نقد الناقدين وإصلاح المصلحين ضعيفة الأثر، قليلة الشيوع، وأن الخطأ اللغوي يتسع كل يوم نطاقه ويرتفع فوق أرباب اليراع رواقه.
لغة الدواوين ولغة الصحف
وحدث أن حكومة السودان انتدبتني منذ عشرين سنة للعمل في وكالتها بالقاهرة، وعينتني في القسم القضائي الذي أنشئ ليكون صلة بين حكومتي مصر والسودان في: الدعاوى، والأحكام الشرعية والمدنية والجنائية، وأمور الطلاق والنفقات والتركات، وعرائض الشكاوى، وغيرها من المسائل القضائية التي تدور عليها المفاوضات كل يوم بين الحكومتين بواسطة هذا القسم. وهي مكتوبة كلها تقريبا باللغة العربية، ولكن بذلك الأسلوب الذي عبثت به الركاكة ولعبت وأكلت عليه السخافة وشربت، وهو المعبر عنه بلغة الدواوين. ولا يقل مجموع ما وقفت عليه في هذه المدة عن أربعين ألف كتاب أو رسالة، كلها سواسية في كثرة اللحن وقلة التدقيق في اختيار الألفاظ الصحيحة والتراكيب الفصيحة. وقد بذلت جهدي في الإصلاح والتنقيح، ولكنني كنت لسوء الحظ كمن يحاول القبض على الهواء أو الكتابة على صفحات الماء. واتضح لي بعد البحث والمقابلة أن الخطأ اللغوي المتفشي بالصحف والمجلات مهما يعظم ويشتد، فهو ليس شيئا مذكورا في جانب الخطأ الآخذ بخناق لغة الدواوين، وأن الصحيح في هذه يوشك أن يكون أقل من الخطأ في تلك.
وفي خريف سنة 1921 أصدر أبناء خليل وحبيب «مجلة المضمار» الأسبوعية، المصورة للألعاب الرياضية والفنون الجميلة، فعنيت بتهذيب ما ينشر فيها من الأنباء والمباحث. وفي أثناء اشتغالي بإصلاح ما يرد من المقالات قبل نشره في المجلة، كنت أرى غلطات تكاد تكون محدودة محصورة، تتكرر هي بنفسها من وقت إلى آخر، ويكثر ورودها على أقلام كتاب الصحف والمجلات وغيرهم من الأدباء المنصرفين إلى الترجمة والتأليف في هذه الأيام.
تذكرة الكاتب
وظلت هذه الملاحظة تعرض لي كل يوم، حتى نبهني تكرارها إلى وجوب الاقتداء بمن تقدمني في وضع كتاب أنشره في «مجلة المضمار»، فصولا متوالية أضمنها كل ما أعثر عليه من الكلمات والتراكيب التي يبدو لي أن بعض الكتاب يخطئون - في استعمالها - وجوه الصحة، فأصلحها بإثبات ما أظنه صوابا أو ما أراه واردا على أصح الوجوه وأرجح الآراء.
فشرعت فيه في أواخر سنة المضمار الأولى، وفي الأجزاء التي صدرت منه في سنته الثانية بعنوان: «تذكرة الكاتب».
Unknown page
وقد لقي هذا العمل أكثر مما كنت أقدر له من الارتياح والقبول عند الذين يغارون على اللغة العربية، ويهمهم جدا أن يظل كل ما يكتب فيها مستكملا شروط الفصاحة والبلاغة، وخاليا من آثار السخف والضعف. وكثيرون منهم كتبوا إلي يشكرون لي هذا الصنيع، ويستحثونني على مواصلته، ويستزيدون ما ينشر منه كل أسبوع في المجلة.
ولما عرض للمجلة ما قضى بذبول غصنها النضير المورق وأفول بدرها المنير المشرق، آسف قراؤها على احتجابها لانقطاعها عن مواصلتهم بأشهى المباحث والمطالب، وحرمانهم الاستفادة من مطالعة «تذكرة الكاتب». وألح علي غير واحد منهم في أن أكمل ما بدأته من النقد، وأنشره أخيرا في كتاب يقرب تناوله ويسهل تداوله. فجمعت كل ما عثرت عليه من الخطأ في أثناء مطالعاتي لأكثر الصحف اليومية والمجلات الأسبوعية والشهرية، وبعض الكتب ودواوين الشعر وغيرها، وأضفته إلى ما نشرته قبلا في «مجلة المضمار»، وأعددته للطبع بعنوانه الأصلي ومقدمته المختصرة البسيطة. وقد شغل ما سبق نشره في «المضمار» بضع عشرة صفحة من هذا الكتاب، إلى آخر الكلام عن «إيردات الحكومة ومصروفاتها».
وأول ما أوجه إليه التفات القارئ أن هذه الألفاظ والتراكيب التي انتقدتها مأخوذة كلها تقريبا من أقوال الكتاب والشعراء الذين يشار إليهم بالبنان، ولكني اجتنبت ذكر أسمائهم مخافة الاتهام بالغض منهم. فإذا طالع أحدهم كتابي هذا ووقف فيه على إصلاح بعض غلطاته، فلا تأخذنه سورة الحنق، وليذكر أني لم أحاول بما كتبته أن أعلم الكاتب شيئا يجهله، بل إنما أردت أن أذكره شيئا نسيه، ولذلك سميته: «تذكرة الكاتب». فعملي كله مسوق على سبيل التنبيه والتذكير، لا بقصد التبجح بمعرفة ما لم يعرفه غيري، ولا على نية التنقص والوقيعة؛ لأني في مقدمة من يسهو وينسى، ومعاذ الله أن أدعي لنفسي أقل شيء من العصمة التي هي لله وحده. وغايتي العظمى أن أخدم اللغة بما يعين على حفظها نقية الجوهر صفية الكوثر.
خطة الإصلاح في هذا الكتاب
ثم إني رأيت بعض الذين تقدموني في هذه الخدمة، يقتصرون في الغالب على ذكر الخطأ من غير أن يبينوا وجهه ويشفعوه بصوابه. وهو بالحقيقة نصف الإصلاح المروم، بل أقل من نصفه؛ لأن معاشر الكتاب في هذه الأيام - ولا سيما الذين لم يعل لهم في صناعة الإنشاء كعب، ولا رسخ لهم في حذاقة الكتابة قدم - يجتنون بعض الفائدة من قولك لهم: «هذه الكلمة غلط» و«ذلك التركيب خطأ»، فيتنكبون هذا ويتجنبون تلك. ولكنهم يحرزون الفائدة كلها إذا أتبعته بيان وجه الخطأ وألحقته بذكر صوابه، كأن تقول لهم مثلا: «يقولون: (صادق على الشيء) وهو خطأ؛ لأن معنى (صادق): صار صديقا. فالصواب أن يقال: (أجاز الشيء) أو (أقره) أو (أمضاه) أو (وافق عليه)». وقد بذلت جهدي في تدارك هذا النقص، فلم أشر إلى خطأ إلا أبنت سببه وقرنته بإصلاحه.
ورأيت فريقا منهم يركبون أحيانا متن الغلو في التلحين والتغليط، فيجاوزون حد التنبيه على الخطأ إلى تخطئة الصحيح وتفنيد الصواب. وبعضهم يتعمدون الجري على هذه الخطة في نقد الكتب والمقالات والقصائد، فيشوبون جمال التجرد لخدمة اللغة بعيب السعي في قضاء شهوة التشفي والنيل ممن ينتقدون كلامه. فتحريت السير في جادة القصد والإنصاف، محترزا كل الاحتراز من تخطئة شيء قبل تحقق خطأه أو اعتقادي أن خطأه راجح لصوابه. وإني مذ الآن أستغفر الله وأعتذر إلى كل كاتب، عما أنكرت عليه استعماله وهو صحيح، أو له من الصحة وجه يرجح وجه لحنه أو يعدله.
ولست أدعي أن ما جمعته في هذه التذكرة يشمل كل ما تضل في مسالكه الأفهام وتزل في مزالقه الأقلام؛ لأن هفوات اللسان وعثرات اليراع مما يذكر ويعد لا مما يحصر ويحد ما دام الكتاب، حتى أطولهم باعا وأوسعهم اطلاعا لا يملكون العصمة من خطأ الوهم وغلط النسيان المعرض لهما كل إنسان. ولكني أرجو أن أكون قد توقفت إلى جمع أكبر جانب من الكلمات والتعابير التي يكثر استعمالنا لها على خلاف الصواب. وقد ألحقتها بفهرس يتضمن بيانها مرتبة على حروف المعجم، تسهيلا لمراجعة كل ما تمس الحاجة إليه.
لماذا يكثر وقوع الخطأ؟
وقد يقول بعضهم: لماذا يكثر وقوع هذه الغلطات حتى من الذين استوفوا قسطهم من تعلم اللغة والتعمق في معرفة قواعدها، وهم لا ينفكون منذ وقت طويل يواصلون المطالعة ويزاولون الكتابة؟ والجواب: أن عوامل استدراج الكتاب إلى الخطأ من حيث لا يدرون كثيرة، أهمها أربعة:
أولا:
Unknown page
اللغة العامية:
ولعلها أكبر عامل يغرنا ويغوينا، فنتوهم الخطأ صحيحا والغلط صوابا. وهي إما خليط من الفصيح المصحف والمحرف وبعض الألفاظ المرتجلة كما في داخل بلاد العرب وغيرها من الأصقاع التي لم يختلط أهلها بالجاليات الأوربية، وإما وشيج من هذه ومن جانب كبير من الكلمات الدخيلة المعربة عن اللغات الأجنبية التي تدفقت على مصر، وسورية، وبلاد المغرب، محمولة إلينا على ألسنة الأجانب أنفسهم أو منقولة في ما ينشر بيننا من كتبهم وصحفهم ومجلاتهم، أو في ما يرد علينا من مصنوعاتهم، أو في ما ينشأ لهم عندنا من المدارس والمصانع والشركات وغيرها من وسائل النشر. فاندست في لهجاتنا العامية متشابكة متداخلة بما لا مزيد عليه من الاندماج والالتحام. وقد شاعت هذه اللهجات المختلطة كل الشيوع بين جميع الناطقين بالضاد، فتراهم يولدون في أحضانها ويترعرعون في أكنافها ويرضعونها مع اللبن ويتناولونها مع طعامهم وشرابهم، ويشبون على سماعها من الآباء والأمهات وذوي القربى وجميع الذين يعاشرونهم من الأتراب والأصحاب، ويقضون سني الطفولة وما بعدها لا يطرق آذانهم غيرها ولا تنطلق ألسنتهم بسواها. وبلغ من شدة تمكنها منهم أنها توشك أن تكون الآلة الوضعية الوحيدة للتخاطب والتفاهم. وهي في فلسطين، وسورية، والعراق، والحجاز، واليمن، ونجد، والسودان، والمغرب، وغيرها من الأقطار العربية، حشو آذان السامعين وملء ألسنة المتكلمين. حتى أنك لتجدنها شاغلة أذهان الخطباء والكتاب ومتحفزة كل حين للجري على أقلام هؤلاء وفي ألسنة أولئك، لولا أنهم يتداركون أمرهم قبل الخطابة والكتابة ويتعهدون خزائن أذهانهم بنزع ما يعلق فيها من الكلام العامي، مستبدلين بها كلمات صحيحة وتراكيب فصيحة يتكلفون استخدامها لتأدية المعاني التي يرومون التعبير عنها في خطبهم وكتبهم. ومع شدة توقيهم للغة العامية واحترازهم من تربصها بهم وتغفلها لهم، لا تأمن ألسنتهم العثار بألفاظها ولا تسلم أقلامهم من الخبط في تعابيرها. ولذلك ترى الخطيب أو الكاتب يحيد من وقت إلى آخر - على حين غفلة - عن جادة اللغة الفصحى، مدفوعا بقوة العودة إلى الأصل، ويستعمل كلمات وتعابير يظنها صحيحة لكثرة ورودها في لسانه وعلى سمعه، مع أنه لا صحة لها على الإطلاق. فهي متمكنة منا كل التمكن منذ الصغر، وراسخة في ألواح أذهاننا رسوخ النقش في الحجر. ورسوخها هذا من أكبر الأسباب التي تصعب علينا تحصيل اللغة الفصحى في المدارس. حتى أن كثيرين منا يخيل إليهم وهم يتعلمونها أنهم يتعلمون لغة أجنبية، بل قد يجدها بعضنا أبعد تناولا وأصعب تحصيلا من إحدى اللغات الأجنبية. ومما يجب الانتباه له في الكلام على اللغة العامية، أنها أمضى سلاح يستخدمه خوارج الأدب الذين سيأتي ذكرهم في مناوأة اللغة الفصحى ومحاربة الذين يتطوعون للدفاع عنها.
ثانيا:
كثرة السماعي
1
في اللغة:
وهذا السماعي الغالب في عامي الصرف والاشتقاق عاثور كبير في طريق الكتاب، قل من يأمن منهم السقوط فيه، وهو يكثر على الخصوص في الأبواب الآتية: (1)
مزايدات الأفعال:
فإن لها في الفعل الثلاثي اثني عشر وزنا، وفي الرباعي ثلاثة أوزان. وجميع هذه الأوزان تبنى عليها الأفعال لأغراض خاصة تستفاد منها. ولكن ليس بين الأفعال المجردة الثلاثية والرباعية ما نراه مبنيا على مزيداته كلها. والأغراض التي تستفاد من هذه الزيادات ليست مما يطرد ويصح أن يقاس عليه في كل فعل يبنى منها. فإذا أخذنا مجردا ثلاثيا أو رباعيا أيا كان، وسألنا ما أوزان المزيدات التي يبنى عليها؟ وما الأغراض المستفادة من بنائه عليها؟ لم يستطيع أحد أن يجيب عن سؤال كهذا بطريق القياس والاستبدال. والمنتجع الوحيد للجواب إنما هو معاجم اللغة؛ لأن أكثر أبنية المزيدات سماعية لا يقاس عليها. (2)
باب الإلحاق :
Unknown page
وهو الموضوع للبحث عن بعض الأفعال الثلاثية التي ألحقت بالرباعي المجرد وبمزيديه: تفعلل أو فعنلل. فهذا الباب كله سماعي لا قياس فيه البتة. (3)
لزوم الفعل وتعديه:
في هذا الباب بحث مستفيض عن بعض الأفعال المختصة باللزوم، وعن تعدي اللازم بإحدى طرق التعدية الثلث: أي همزة النقل
2
وتضعيف عين الفعل وحرف الجر، وعن لزوم المتعدي ببنائه للمطاوعة على أحد أوزانها: وهي نفعل، وتفاعل، وانفعل، وافتعل في الثلاثي، وتفعلل، وافعنلل في الرباعي. ولكن هل من ضابط كلي لمعرفة الأفعال المختصة باللزوم؟ فإن تقييدها بالدلالة على غريزة أو هيئة أو لون أو نظافة أو دنس أو بعض العوارض الطبيعية - هذا كله لا يكفي.
3
وهل من دليل صادق على الأفعال اللازمة التي تعدى،
4
وعلى ما يعدى منها بإحدى طرق التعدية الثلث وما يعدى بطريقتين منها وما يعدى بها كلها؟ وهل من سبيل لتعيين الحرف مع الأفعال التي تتعدى بحرف الجر؟ وهل لزوم الفعل المتعدي ببنائه للمطاوعة عام يشمل جميع الأفعال المتعدية؟ وهل يمكن معرفة ما يبنى للمطاوعة على هذا الوزن أو على ذاك أو على ذلك؟ والجواب عن هذه الأسئلة كلها بالنفي؛ لأنها جميعها تؤخذ بالسماع. (4)
أوزان المصدر:
Unknown page
أو الصفة المشبهة من الثلاثي، وما يبنى من الصفات على وزني فعول وفعيل، مشتركا بين اسم الفاعل، واسم المفعول، وبعض أسماء الزمان والمكان من الثلاثي، ولحوق تاء التأنيث لهما،
5
وبناء اسم الآلة،
6
والمقصور والممدود، والمؤنث المعنوي، ومؤنث الوصف الذي على فعلان: أعلى فعلى كسكران وسكرى، أم على فعلانة كندمان وندمانة، أم عليهما كلتيهما كعطشان عطشى وعطشانة؟ وما سمع من الأسماء مصغرا ومنسوبا على خلاف قواعد التصغير أو النسبة كذيا وتيا وأبيحر ومغيربان وسويد، ونحوها في الأول ولابن وزيات ويمان وبصري ودهري وهاجري وغيرها في الثانيأوزان المصدر (5)
أوزان جمع التكسير:
فهي كما لا يخفى كثيرة جدا، ولكن ما يغلب منها قليل وما يقاس ويطرد أقل.
هذه الأمور وغيرها من السماعيات، تعرض لنا في ما نكتبه أو ننظمه، فننسى كونها مما يحفظ ولا يقاس، ونجريها مجرى المقيسات المطردة بلا ترو ولا تثبت، ونضل محجة الصواب.
ثالثا:
النقل:
Unknown page
هذا أيضا من أكبر أسباب التطويح بالكتاب في متايه الخطأ والغلط؛ إذ إنه كثيرا ما يتفق للواحد منهم أن يقدم على استعمال كلمة أو جملة، وهو لا يملك من الأدلة على صحتها سوى كون فلان ممن يثق بطول باعه وسعة اطلاعه قد سبقه إلى استعمالها في كتابه أو في ديوانه. ولو استطعنا التقصي في البحث عن منشإ غلطة ما، لانتهينا منه في سلسلة طويلة حلقاتها كتاب وشعراء كلهم سابق لتال، وكل تال منهم عد سابقه أكبر حجة في علوم اللغة، فنقل عنه ما نقل، ولم يوجس أقل خوف من سقوطه في وهدة الزلل.
ولست أدري هل أسعد الحظ أحدا من الكتاب فعصمه من نقل الخطأ عن غيره وصانه من توهم غلط سابقه صوابا؟ أما أنا فأعترف بأني طالما أخذت بشرك الاعتماد على غيري، وأخطأت في استعمال كثير من الكلمات والعبارات منقولة عمن لم أشك حينئذ في كونه خير من يصح الاستناد إليه والاعتماد عليه.
7
رابعا:
إهمال اللغة:
ويراد به أن معظم طلبة العلم في هذه الأيام قلما يهتمون - وهم في المدارس - أن يردوا من مناهل علوم اللغة ما يروي غليلهم ويقضي حاجتهم. فهم - في الغالب - يقتصرون منها على ما يمكنهم من اجتياز الامتحان وإحراز الشهادة. وبعد خروجهم من دور العلم تراهم لا يبدون أقل اهتمام للاحتفاظ بما حصلوه والسعي في إحيائه وإنمائه بالمطالعة والمراجعة، بل يهملونه وينسون حتى أبسط القواعد التي كان يجب عليهم أن يتذكروها صونا لأقلامهم وألسنتهم من ارتكاب الخطأ في ما يكتبون ويخطبون.
ولهذا الإهمال أسباب كثيرة ليس هنا محل بسطها واستيفاء الكلام عليها. ويهمنا منه أنه - لسوء الحظ - أمر واقع لا يسع أحدا منا إنكاره، وآثاره ظاهرة في ما يكتبه فريق كبير من خريجي مدارسنا. فإن الغلطات التي تبدو منهم تدل جليا على تفريطهم في حفظ أبسط القواعد المقيسة المطردة في الصرف والنحو وغيرهما من علوم اللغة. ولولا هذا الإهمال لقلت كثيرا غلطات الكتاب وانحصرت في ما يسهل تداركه ولا يصعب اجتنابه.
خوارج الأدب
بقي أن الكلام على العامل الأخير - الإهمال - يقتادني إلى ذكر شيء ولو على سبيل الاختصار، عن ثورة يثير غبارها ويشب نارها بعض المردة الذين خرجوا في هذه الأيام على نظام اللغة الشامل لجميع علومها وآدابها، خروجا أشبه بشق عصا الطاعة للحكومة أو بعقوق الوالدين والمروق من الدين. وكأن الناس لم يكفهم في الوقت الحاضر ما يعانونه من شرور البدع والأضاليل في الدين والسياسة والعادات القومية وغيرها، حتى يبتلوا بخطب هؤلاء الخوارج الذين قاموا على اللغة يطعنون في قواعدها وأحكامها، ويتزاهدون حماتها الزائرين عن حرماتها، ويبالغون في ازدرائهم وتفييل آرائهم وتسفيه أحلامهم.
وكثيرا ما تراهم يجاوزون حد القدح في اللغة، إلى الوقيعة في أيمتها الذين وضعوا أساسها، ورفعوا في الخافقين نبراسها، وقيدوا شوارد مفرداتها، وجمعوا قواعدها وأحكامها، وجلوا غوامض علومها وفنونها، وجعلوا ذلك كله في كتب تسهل علينا رود مناجعها وورود مشارعها، فيبخسونهم حقهم، ويجحدون فضلهم، ولا يذكرون لهم واحدة من هذه الحسنات. ولا يقتصرون على إنكارها، بل - لشدة غلوهم في الجور والتحامل - يعدونها كلها سيئات، ويزينون للشعراء والكتاب أن ينظموا ويكتبوا كيف شاؤوا، لا يراعون أحكام الصرف والنحو والمعاني والبيان، ولا يتقيدون في الشعر بالجري على قواعد علمي العروض والقافية قائلين لهم: إن هذه القواعد والأحكام وضعت لاعتبارات طوتها الأيام، وفي أحوال ظلها زال ولونها حال، فهي إذا مما عتق وشاخ، ولا بد لها من الانحلال والاضمحلال.
Unknown page
وهذه الغارة الشعواء يشنونها على اللغة، ويسعون في أن يقوضوا أبنية قواعدها ويجتثوا أعراق أحكامها؛ ليضمنوا خلو جو العيث والإفساد من كل واقف بالمرصاد، فيتسنى لهم أن يذهبوا في الكتابة كل مذهب لا يبالون في استعمال الكلمات بما نصت عليه معاجم اللغة، ولا يكترثون في صوغ الجمل والتراكيب لما ورد عنها في كتب علم الأدب. فيجيء ما تخطه أقلامهم في الطروس والدفاتر، أو تنطلق به ألسنتهم على المنابر، معارض سخافة وركاكة يتردد الاختلال في مذاهبها ويتمشى الاعتلال في مناكبها. وإذا اطلع أحد أبناء اللغة البررة الأوفياء على هذه الأسقاط والسفاسف، وحملته غيرته على التنبيه إلى ما يراه فيها من العيوب والهفوات، تصدى له أولئك المعسلطون
8
يتنقصونه ويستزرونه، ويتهمونه بأنه من ذوي العقول الجافة الجامدة المطبوعين على كراهية الحديث الجديد وحب التمسك بالرميم البالي. قال لي أحدهم ذات يوم: «إن المهم في الكلام نثرا كان أو شعرا إنما هو معناه لا لفظه. فبالمعنى - وهو الجوهر - يجب أن نعنى لكي يجيء ساميا رائعا طريفا أنيقا، أما اللفظ - وهو العرض - فليجئ كما يجيء لا نكترث له ولا نبالي به». فأجبته: «لا أدري كيف يستطاع الإتيان بمعنى أنيق طريف في لفظ ركيك سخيف؟! وأين تلك المعاني السنية التي تزكو أغراسها في دمن الاختلال والاعتلال؟! ولماذا لا تتلألأ الصهباء إلا في أكثف إناء؟ وهل يضر الشمس أن تطلع في أنقى جو وأصفى سماء؟ وإذا أمكن أن يكون السيف الماضي الحد في غمد من ذهب، أفليس من الخرق أن نصر على جعله في قراب من خشب؟!» فسكت ولم يحر جوابا.
وهذه الوساوس التي ينفثها أولئك النزاغون في عقد ترهاتهم وأباطيلهم، بل هذه الدسائس التي يدسونها للغة ويبثون سمومها في ما يكتبونه وينشرونه بين خريجي المدارس وطلبتها، كان لها أسوأ تأثير في أذهان جانب كبير منهم، وكانت من أكبر الأسباب لإعراضهم عن اللغة وإهمالهم لقواعدها وأحكامها.
شدة خطرهم على اللغة
وليعلم القراء أن خطر خوارج الأدب على اللغة شديد جدا؛ لأنهم لا يفتأون يناصبونها العداء، ولا ينفكون يكيدون لها المكايد ويخفون في سبيل تحصيلها الفخاخ والمصايد. وهم يسلطون عليها معاول تقويض وتهديم أشد تخريبا وتدميرا من المعاول التي يسلطها الفوضويون على الحكومات والإباحية المعطلة على الأديان. فإذا لم يهب سدنة اللغة وحفاظها في جميع الأقطار العربية هبة رجل واحد لدرء هذه المفاسد، تفاقم الخطب واستطار الشر واتسع الخرق على الراقع.
ولست أجهل أن كلامي هذا سيضرم في قلوب هؤلاء المردة نار الغيظ والحنق، فيحملون علي أشد حملة يستطيعونها، ويعرضونني لسهام المثالب والمطاعن. وأقل ما يرمونني به أني مفرط في المحافظة على القديم وشديد الغلو في مقاومة كل حديث جديد. وإني لكما يقولون مفرط كل الإفراط في المحافظة على القديم، ولماذا؟ لكي أبطل مشورات المغرين بالتفريط في أكرم ما نباهي به ونفاخر، وأحبط مساعي المؤتمرين على ضياع أغلى تراث تركه الأوائل للأواخر. أما في ما سوى ذلك، فإني بريء من كل ما يتهمونني به، وعلى الدوام يرونني في مقدمة المصرحين علنا بأن اللغة في أشد احتياج إلى إصلاح يرقيها ويمكنها من الوفاء بحاجات هذا العصر. ولكن الإصلاح شيء والهدم والتدمير أو الاجتياح والاستئصال شيء آخر!
اللغة وسيول اللهجات العامية
وخلاصة ما أروم بيانه في هذا التمهيد أني بوضعي لتذكرة الكاتب أردت أن أقضي واجبا علي في خدمة اللغة والمشتغلين بها، بذكراهم ما يقع في كلامهم من الخطأ لكي يجتنبوه، ويجيء ما يكتبونه صافيا على قدر الإمكان من أكدار اللحن ونقيا من شوائب الغلط. وهذا أحد الأمور التي يتحتم علينا أن نسرع في قضائها؛ لكي يكون إصلاح اللغة المنشود مستكملا جميع وجوهه. أما الأمور الأخرى فكثيرة، وأهمها التعجيل في إنشاء سد حصين متين يعترض للهجات العامية في جميع الأقطار العربية، ويصد سيولها الجارفة التي تطمو كل يوم على اللغة الفصحى محاولة إغراقها وابتلاعها كما يتمنى خوارج الأدب.
وهذه اللهجات العامية قد اتسع نطاق شيوعها كما تقدم الكلام، وذاع دورانها في ألسنة جميع الناطقين بالضاد، حتى تناول معظم أحاديث الناس في البيوت؛ في أكواخ الفقراء وقصور الأغنياء، وفي المعامل والمتاجر، والمدارس والأندية، ودواوين الحكومة وغيرها من الأماكن التي يجتمعون فيها لأغراض مختلفة. وأوشك استخدام كلماتها أن يشمل كل ما عندنا من رياش وأثاث ومتاع وإناء، وكل ما على أجسادنا من ثياب وملابس، من قمة الرأس إلى أخمص القدم، وكل ما يباع في مخزن التاجر ودكان البدال وحانوت العطار، من بضائع ومنسوجات ومصنوعات وعروض وسلع وعقاقير، وكل ما يعرض في علوم الطب والعلاج والهندسة، والملاحة والطيران وسكك الحديد، وصناعات البناء والحدادة والنجارة والخياطة، من اصطلاحات وتعابير وعدد وآلات وأدوات، وما يجد كل يوم من المكتشفات والمخترعات.
Unknown page
هذه وغيرها مما لا يسعني استيفاؤه تحتاج إلى ألوف من الكلمات للتعبير عنها والدلالة عليها. وإذ لا يجد المشتغلون بها كلمات عربية صحيحة تفي بأغراضهم من هذا القبيل، يعمدون إلى سد حاجتهم كيفما اتفق لهم إما باستعمال الكلمات العامية التي يسمعونها نقلا عن غيرهم، وإما بتعريب الكلمات الأفرنجية الموضوعة لتلك الأشياء، أو بخليط من هذه وتلك كما تقدم الكلام.
وعلى هذا المنوال تشتد سواعد اللهجات العامية، وترسخ أقدامها، وتزداد دوائر استعمالها امتدادا واتساعا، ويظل استعمال اللغة الفصحى محدودا محصورا قلما يجاوز ما وضعت له من قديم الزمان، مع أنه لا ينقصها شيء مما في اللغات الأخرى من خواص الحياة والنمو والمرونة، وهي مضرب المثل في غناها بالمترادفات والقيود والضوابط والفروق والحدود والتعريفات، وفيها ما لا يحصى من الكلمات التي يصلح استخدامها في هذه الأيام للتعبير عما يجد من المعاني. وحسبها أنها ممتازة بالاشتقاق الذي يزيدها حسنا وجمالا ويسهل على علمائها أن يضعوا ما شاؤوا من الألفاظ للدلالة على مستحدثات العلوم والفنون إذا لم يجدوا لها كلمات موضوعة من قبل.
إنما الحاجة إلى واحد
ولقد سبقت فكتبت غير مرة في هذا الموضوع الخطير الشأن، وبحثت كما بحث سواي في أسباب قصور اللغة في الوقت الحاضر عن الوفاء بحاجاتنا. وعلى رغم مخالفة كثيرين لي لا أزال أرى أن خير وسيلة لتدارك القصور إنشاء مجمع لغوي يتألف من صفوة علماء اللغة في مصر وسورية والعراق، وغيرها من الأصقاع العربية، على وجه تراعى فيه الجدارة الصحيحة والأهلية الحقيقية، بحيث يكون كل عضو متضلعا من معرفة اللغة وله إلمام كاف بمبادئ أحد العلوم العصرية؛ ليتمكن من وضع الكلمات والتعاريف المختصة بذلك العلم، ويسمى هذا المجمع «مجمع ترقية اللغة العربية». وأول شيء يجب أن يعنوا به هو البحث المدقق في أسباب قصور اللغة، والتعجيل في إزالتها، ثم النظر في ما يعرضه عليهم المؤلفون والمترجمون والشعراء وكتاب الصحف والمجلات، من الكلمات والتعابير العامية والأجنبية، فيبحثون فيها ويستبدلون بها ما يفي بالمراد من الصحيح الفصيح استخراجا أو وضعا: أي إما بأخذه مما سبقهم المتقدمون إلى وضعه واستعماله في المعاني نفسها أو في ما يدانيها، وإما بمجاراة المتقدمين في وضع ألفاظ تدل على المعاني المبتغاة، وذلك بالاشتقاق - بالاستعمال الحقيقي أو المجازي - وهو أوسع الطرق وأعمها،
9
أو بالنحت، أو التركيب، أو التعريب، وهذا الأخير أندر الطرق وأقلها استعمالا. وكان المتقدمون لا يلجأون إليه إلا إذا أعياهم الوضع على أحد الطرق الأخرى.
10
ثم ينشر المجمع ما يستخرجه أو يضعه في مجلة أسبوعية تنشأ لهذه الغاية، وتنشر في جميع الأقطار العربية؛ ليطالعها الذين يهمهم الأمر ويعتمدوا موضوعاتها عند الحاجة إلى استعمالها.
ومما يجب على المجمع أن يوجه التفاته إليه هو الكلمات الكثيرة المستعملة الآن في غير ما وضعت له، وليس في كتب اللغة ما يجوز استعمالها هذا إلا على ضعف وتكلف. ولكنها شاعت وذاعت حتى بين بلغاء الكتاب، وليس من السهل أن يستبدل بها كلمات أخرى. فمنها هذه الأسماء: «صادرات، وواردات» و«تهوية» للبيوت وما فيها من الأثاث، و«تحليل» بمعناه العلمي والطبي، و«تشريح» بمعناه الطبي، و«تشريع» و«تقنين» و«مشروع» و«إعدام» و«محطة» و«تقرير» و«عمود» لجزء من المكتوب أو المطبوع على صفحة الصحيفة أو الكتاب، والأفعال: «تفرج» و«تطور» و«اكتشف» وغيرها. يضاف إليها جانب كبير من الكلمات المعربة عن اللغات الأجنبية. فهذه كلها يجب أن تعرض للبحث، فإما أن يتفق على استعمالها لغلبته وشيوعه، وإما أن يستبدل بها غيرها وفيه من الصعوبة ما فيه.
من لهذا الأمر؟
Unknown page
بقلم أسعد خليل داغر
ومهما تعظم نفقة المجمع على رواتب أعضائه وطبع مجلته، فما أظنها تجاوز بضعة آلاف من الجنيهات في السنة، وهي قليلة في جانب الفوائد الكثيرة التي تعود منه على اللغة العربية وأهلها.
أفلا تهز الأريحية واحدا أو أكثر من الأغنياء الذين يغارون على اللغة، فيتبرعوا بوقف ما يكفي ريعه للإنفاق على هذا المجمع؟ وألا لم يبق لإرواء الغليل من هذا القبيل سوى إحدى الحكومات في البلدان العربية. ومن أولى من حكومة مصر بهذا الأمر؟ إنها منهن أقدر وبشرف هذه المفخرة أحرى وأجدر. وقد سبق لها في خدمة اللغة العربية ما لا يعد من المآثر والمحامد التي خلدت لها الفخر وأكسبتها جميل الثناء وجزيل الشكر مدى الدهر. وهي الآن - على الخصوص - قبلة الأنظار وكعبة الآمال، ولعلها إذا سئلت هذه المكرمة لا تتأخر عن إجابة السؤال.
تذكرة الكاتب
مقدمة
بهذا العنوان عزمنا أن ننشر في المضمار ما نعثر عليه في مطالعاتنا من الكلمات التي يخطئ بعض الكتاب في استعمالها، فنصلحها بإثبات ما نظنه صوابا. وسنفعل ذلك على سبيل التذكرة، معترفين بأننا في مقدمة من يسهو وينسى، وأن العصمة لله وحده، ومتوخين بهذا العمل زيادة التوفر على خدمة لغتنا الشريفة، حتى ينقى جوهر مفرداتها ومركباتها خالصا من صدأ الخطأ والإهمال، ويبدو كمال جمالها آية في جمال الكمال، وعلى الله الاتكال.
غاو. غواة
أول ما نبدأ به كلمة «غاو» أو «غواة». فإنهم يستخدمونها للتعبير عن معنى «اماتير»، أي من يزاول شيئا لمحبته له، لا لاتخاذه حرفة. وهذا الاستخدام كثير الشيوع في الألعاب الرياضية والفنون الجميلة وغيرها. ولكن الغاوي هو الضال، وعليه القول في القرآن الشريف:
ما ضل صاحبكم وما غوى ، والقول:
والشعراء يتبعهم الغاوون ، فكيف يصح استعماله للدلالة على معنى محب أو عاشق «اماتير»؟
Unknown page
وقد اصطلح المضمار منذ أول نشأته على كلمة «هاو» وجمعها «هواة» من الفعل: هوى، يهوى، أي أحب واشتهى، فهي من كل وجه تصلح للاستخدام بمعنى «اماتير». فما ضر كتابنا الأدباء لو وافقونا على «هاو وهواة»، واجتنبوا خطأ استعمال «غاو وغواة»؟
عرب. تعريب. معرب
ويستعملون الفعل «عرب» وما يشتق منه، مكان الفعل «ترجم» ومشتقاته. فيقولون: «هذا الكتاب عربه فلان، أو تعريب فلان، أو لمعربه فلان». فيغيرون معنى الفعل ويحولون وجه استعماله؛ لأن التعريب إنما هو نقل الكلمة بلفظها من إحدى اللغات الأجنبية إلى اللغة العربية. أما نقل معنى الكلمة أو الجملة أو المقالة أو الكتاب، فهو ترجمة. فبالتعريب ننقل مثلا الكلمات الآتية بألفاظها، ونقول: «سينماتوغراف» و«بيسكل» و«اتوموبيل»، وغيرها: كالتلغراف، والبنك، والفونوغراف، والتليفون. وبالترجمة نعبر عن معنى ثلث الكلمات الأولى بقولنا: «صور متحركة» و«دراجة» و«سيارة»، وقس عليه.
ولعل المولعين باستعمال كلمة «تعريب» يزعمون أن فيها معنى أرفع شأنا من معنى «ترجمة»، أو يرون لفظها أفخم وأفصح، وهو زعم باطل ورأي فائل. وقد سبقهم إلى الوقوع في مثل هذا الوهم بعض الكتاب المشتغلين بالصحافة، فإنهم طلقوا كلمة «كتابة» في الدلالة على صناعتهم، وأطلقوا عليها كلمة «تحرير»، وقالوا: «محرر» و«رئيس تحرير»، بدل: «كاتب» و«رئيس كتاب». مع أن التحرير مهما نتوسع في معناه، يظل دون مدلول الكتابة، ولكنهم عدلوا إليه لزعمهم أنه أفخم مبنى وأعظم معنى.
وقد وقع مثل ذلك في كلمة: «معلم»، ولكن عذر معلمي المدارس في عدولهم عنها إلى «مدرس» و«أستاذ»، شيوع استعمالها لغيرهم من أصحاب الحرف والصناعات، كالنجارين والبنائين وسواهم.
استلم استلام
ويقولون: «استلم فلان الشيء» و«أمضى وصول الاستلام». وهو شائع مستفيض بين كثير من الكتاب، فيستعملون هذا الفعل ومشتقاته بمعنى الأخذ والتناول، على خلاف المعنى الموضوع له وهو اللمس - بالتقبيل أو باليد - أو المسح بالكف. ومنه تيمن الحجاج في مكة المكرمة باستلام الحجر الأسود، الذي قيل له ذلك؛ لأنه اسود من لمسهم له عند استلامه. قال الفرزدق في الحسين بن علي بن أبي طالب:
يكاد يمسكه عرفان راحته
ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم
أما الفعل الذي يفيد معنى الأخذ والتناول فهو: تسلم. يقال: سلمه، وسلم إليه الشيء، فتسلمه، وأمضى وصول التسلم.
Unknown page
حديث شيق
ويقولون: «حديث شيق» و«مقالة أو خطبة شيقة». فيستعملون هذه الصفة بمعنى: شائق، أي داع إلى الشوق، وهو خطأ لأنها بمعنى: مشتاق، فيقال: رجل شيق، وقلب شيق. قال المتنبي: «ما لاح برق أو ترنم طائر
إلا انثنيت ولي فؤاد شيق»
فالصواب أن يقال: حديث شائق، وخطبة شائقة.
حاضر. محاضرة. محاضر
ويستعملون «حاضر» و«محاضرة» و«محاضر»، بدل خطب وخطبة وخطيب. وقد عم هذا الإبدال على ما فيه من الخطأ، حتى أنك لتراه دائرا في أفواه المتكلمين وألسنة الخطباء وأقلام الكتاب. فكأنهم يتوهمون أن كلمة «محاضرة » أضخم لفظا وأفخم معنى من كلمة «خطبة»، فيؤثرونها عليها في الاستعمال. كما يفضلون «تعريب» و«محرر» و«أستاذ» على ترجمة وكاتب ومعلم لهذا الوهم نفسه! ولعل بعضهم يرى غضاضة عليه أن يقال لما ألقاه من الكلام على جماعة: «خطبة»، ولا يقال له: «محاضرة»!
فالمحاضرة مصدر حاضر، بمعنى: عدا وسابق، أو بمعنى: جاء بالجواب حاضرا. إذا هي العدو والسباق، أو هي ما بين القوم أن يجيب الواحد صاحبه بما يحضره من الجواب. ومن ذلك: المحاضرات الشعرية، كما بين عبيد بن الأبرص وامرئ القيس، وبين أبي تراب السريجي والشريف العباسي. وفلان حسن المحاضرة: أي حسن المجالسة، والمحاضرة من فنون الأدب الاثني عشر.
هذه معاني المحاضرة، وليس فيها واحد يسوغ استعمالها بمعنى الخطبة. وجميع الأئمة الذين اشتهروا بالبراعة في الخطابة لم ينعت أحد منهم قط بكلمة «محاضر»، بل كان كل منهم يوصف بكلمة خطيب، وكان ما يكلم الناس به يطلق عليه خطبة لا محاضرة.
أجاب على سؤاله. فتش عليه
ويقولون: «أجاب على سؤاله» و«ذهب يفتش عليه». فيعدون كلا من هذين الفعلين ب«على». والصواب أن يعدى الفعل الأول بنفسه أو بعن أو بإلى. فتقول: أحببت سؤاله أو عن سؤاله أو إلى سؤاله. وأما الفعل الثاني فيعدى بنفسه إن أريد استعماله بمعنى تصفح، نحو: فتشت الكتب. ويعدى بعن إذا كان بمعنى سأل واستقصى في الطلب، نحو: فتشت عنه.
Unknown page
ملافاة
ويقولون: «يجب الاهتمام بملافاة هذا الأمر». فيستعملون الملافاة بمعنى التدارك والإصلاح. وهو خطأ، صوابه التلافي، من: تلافى الأمر، إذا تداركه، أي أصلحه.
استعرض القائد الجنود
ويقولون: «استعرض القائد الجنود» إذا أمرهم عليه ونظر حالهم. والمبني من هذا الفعل على استفعل لم يرد عن العرب بهذا المعنى. فالصواب أن يقال: «عرض الجنود، واعترضهم».
استلفت
ويقولون: «استلفت الكاتب نظر القراء» بمعنى حول نظرهم أو وجه التفاتهم. والمحفوظ في كتب اللغة بهذا المعنى قولهم: لفته فالتفت، ولفته فتلفت. أما استلفت، فلم يسمع عنهم.
بصفته بصفة كونه
ويقولون: «أمضى فلان عقد الاتفاق بصفته وزيرا للداخلية» و«افتتح فلان الجلسة بصفة كونه نائب رئيس الجمعية». وهذا الاستعمال - «بصفة» و«بصفة كونه» - دخيل في اللغة ليس منها بشيء، وهي في غنى عنه بما هو ألطف وأعذب وأصح وأصوب. ففي المثال الأول يستغنى عن «بصفته» بحرف الجر الكاف، فيقال: «أمضى فلان عقد الاتفاق كوزير الداخلية». وهي هنا للتمثيل بما لا مثيل له، ويقال لها كاف الاستقصاء. وفي المثال الثاني يستغنى عن «بصفة كونه» بالكاف نفسها، فيقال: «افتتح فلان الجلسة كنائب رئيس الجمعية»، أو بأن يقال: «نائبا عن رئيس الجمعية»، أو «بالنيابة عن رئيس الجمعية».
وقع المغني
ويقولون: «وقع المغني فأعجب السامعون بحسن توقيعه». فيستعملون الفعل «وقع» بمعنى: بنى ألحان الغناء على موقعها، وهو خطأ؛ لأن للتوقيع معاني ليس هذا منها. والصواب أن يقال: «أوقع». وفن تأليف الأصوات في الغناء إنما هو الإيقاع لا التوقيع.
Unknown page
نادي الموسيقى الشرقي
ويقولون: «نادي الموسيقى الشرقي». ومعلوم أن كلمة «الشرقي» في هذا التركيب ليست وصفا للنادي، بل للموسيقى وهي مؤنث. فالصواب إذا أن يقال: «نادي الموسيقى الشرقية». والرجاء أن حضرة رئيس هذا النادي الكريم وأعضاءه يقبلون هذه الملاحظة المقدمة بملء الإخلاص ويبادرون إلى إصلاح الخطأ.
لم يعد يصلح له
ويقولون: «لم يعد يصلح للاستخدام» و«لم يعد قادرا على العمل»، وهو شائع كل الشيوع بين كثيرين من الكتاب. وقرينة الكلام في هذا الاستعمال تدل صريحا على أنهم يريدون بالفعل «يعود» مضارع «عاد» بمعنى صار. فالصواب إذا أن يسلط النفي على خبره لا عليه نفسه، فيقال: «عاد لا يصلح للاستخدام» أو «عاد غير قادر على العمل» أو «عاد لا يقدر على العمل».
مصطنع. اصطناعي
ويقولون: «هذا الشيء مصطنع» أو «اصطناعي». يريدون أنه معمول أو غير طبيعي. وليس في معاني الفعل «اصطنع» ما يسوغ هذا الاستعمال. يقال: اصطنع عنده صنيعة، أي: أحسن إليه ورباه. واصطنع فلانا لنفسه، اختاره. واصطنع فلان، اتخذ طعاما ينفقه في سبيل الله. فالصواب أن يقال: «هذا الشيء مصنوع» أو «صناعي».
عضد. تعضيد
ويقولون: «عضده في عمله» و«نحث القراء على تعضيده». فيستعملون الفعل «عضد » بمعنى: نصر وأعان. وفي كتب اللغة: عضد السهم وأعضد، ذهب يتيما وشمالا عند الرمي. فالصواب أن يقال: «عضده على عمله أو عاضده».
أثناء كلامه
ويقولون: «أشار الخطيب أثناء كلامه». فينصبون «أثناء» على الظرفية، وهي ليست ظرفا ولا مضافة إلى ما تكتسب منه الظرفية لتستغني بها عن حرف الجر: في. بل هي جميع «ثني». وأثناء الشيء: تضاعيفه، وأثناء الكلام: أوساطه. فالصواب أن يقال: «في أثناء الكلام».
Unknown page
صادق عليه. صدق عليه. صدقه
ويقولون: «صادقت الوزارة على تعيين فلان» و«صدق الملك على الحكم». وأصلح بعضهم هذا الخطأ بخطأ آخر وهو: صدقه. وكلها غلط؛ لأن معنى «صادقه» كان صديقا له، وصدقه ضد كذبه. فالصواب أن يقال: «أجاز الشيء، أو أمضاه، أو أقره، أو وافق عليه».
كبده عناء جزيلا. تكبد تعبا لا يوصف
ويقولون: «كبده عناء جزيلا» و«تكبد في عمله تعبا لا يوصف». فيستعملون «كبد» بمعنى: جشم وكلف، وتكبد بمعنى: عانى وقاسى. وفي اللغة: كبدت الشمس وتكبدت، صارت في الكبيداء، أي وسط السماء. وتكبد الشيء: قصده. فالصواب أن يقال في الأول: «جشمه، أو حمله عناء جزيلا». وفي الثاني: «كابد في عمله» ... إلخ.
ما زلت مشمولا برضاك. طالما هو كسلان
ويقولون: «لا يرجى نجاح فلان طالما هو كسلان». فيستعملون «طالما» في غير معناها، والصواب أن يقال: «ما دام كسلان». وبعضهم يستعمل «ما زال» في هذا المعنى فيقول: «إني بخير ما زلت مشمولا برضاك» أي: ما دمت، وهو خطأ كذلك.
همزة الاستفهام: الخطأ في استعمالها
ويقولون: «ولم يدر أكان مأتاها الألم أم السرور؟» و«سواء أكان المتكلم نجارا أم قرويا». ولا يخفى أن همزة الاستفهام في المثال الأول لطلب التصور وهو إدراك التعيين، وفي الثاني للتسوية. وعندما تكون لطلب التصور، يجب أن يليها المسؤول عنه بها كالفعل، نحو: أضربت زيدا أم شتمته؟ والاسم نحو: أزيد عندك أم عمرو؟ والمجرور نحو: أفي داره زيد أم في مخزنه؟ وقس عليه.
وعندما تكون للتسوية، يجب أن يليها أحد الأمرين اللذين يراد التسوية بينهما، نحو: «سواء عندي أراكبا جئت أم ماشيا، وأمسرعا كنت أم مبطئا». فالصواب في المثال الأول أن يقال: «ولم يدر الألم كان مأتاها أم السرور»، وفي مثل هذا المقام يجوز حذفها للتخفيف. أما في المثال الثاني، فالصواب أن يقال: «سواء أنجارا كان المتكلم أم قرويا».
عينان سوداويتان
Unknown page
ويقولون: «وجها حنطيا، وعينان سوداويتان». وهذه الجملة من مقالة قيل عن منشئها أنه «كاتب بليغ»! فإذا كان في «عينان» غلطة واحدة، وهي نصبها بالألف بدل الياء، وصوابها: عينين؛ لأنها معطوفة على منصوب وهو «وجها»، فإن «سوداويتان» فيها ثلث غلطات: زيادة ياء وتاء وألف، وصوابها: «سوداوين».
1
تداخل في الأمر
ويقولون: «تداخل فلان في ما لا يعنيه»، أي: تعرض له. والصواب أن يقال: «داخل»، تقول: «داخلت زيدا في أموره»، أي: عارضته. نعم يقال: «تداخله منه شيء»، أي: خامره. «وتداخل الشيء»، دخل بعضه في بعض.
استنادا على
ويقولون: «زاره استنادا على وعده له بالمساعدة». فيعدون «استند» بالحرف: على. ولم يسمع عن العرب تعدية الفعل «سند» ومشتقاته إلا بالحرف إلى. يقال: «سند إليه وتساند واستند»، أي: اعتمد عليه.
سوية
ويقولون: «ذهبوا إليه سوية». فيستعملون «سوية» بمعنى المصاحبة والاجتماع، وهي بالحقيقة مؤنث «سوي»، بمعنى: الاستواء والمستوي والإنصاف. يقال: «هم على سوية في هذا الأمر» و«قسمت الشيء بينهما بالسوية».
التقى به
ويقولون: «التقى به». فيعدون هذا الفعل بالباء، والمسموع عن العرب: لقيه، ولاقاه، وتلقاه، والتقاه؛ بمعنى واحد، أي: استقبله، أو صادفه. وكلها تتعدى بنفسها، فلا تحتاج إلى الباء.
Unknown page
أول أمس. أمس الأول
ويقولون: «ما رأيته مذ أول أمس» و«زارني فلان أمس الأول». ويريدون في كليهما يوما قبل أمس. والصواب أن يقال فيهما: «أول من أمس». و«أمس» يبنى على الكسر كما رأيت، إذا كان المراد به آخر يوم مضى، ويعرب إذا أريد به أحد الأيام الماضية، أو إذا جمع أو صغر أو دخلته «أل» أو أضيف.
مسم
ويقولون: «أم أربع وأربعين دويبة مسمة» و«تناول فلان دواء مسما». والمسموع عن العرب من هذا الفعل هو المجرد لا المزيد، يقال: «سم الطعام» جعل فيه السم. و«سم فلانا» سقاه السم. فالصواب إذا أن يقال: «دويبة سامة، ودواء سام».
وازى يوازي
ويقولون: «هذا لا يوازي شيئا». فيستعملون «يوازي» بمعنى: يساوي أو يعادل. وهو خطأ؛ لأن معنى «وازاه موازاة»: حاذاه وجاراه، وهكذا آزاه مؤازاة.
ضمانة
ويقولون: «أخذ عليه ضمانة» و«طالبه بالضمانة». وكأنهم يقيسون الضمانة على الكفالة. وفي كتب اللغة: ضمن الشيء، وبه، ضمنا وضمانا. إذا قولهم «ضمانة» خطأ. نعم إن التاء تدخل على المصدر دخولا مطردا، ولكن عندما يراد به الدلالة على المرة الواحدة كضربة واجتماعة وانطلاقة.
احصائية. اتفاقية
ويقولون: «أمضى الفريقان صك الاتفاقية» و«ورد في آخر إحصائية». والصواب: «صك الاتفاق» و«آخر إحصاء»؛ لأن الاتفاق والإحصاء مصدران صريحان، فلا يحتاجان إلى ما يفيدهما معنى المصدر. نعم إن النحاة احتالوا على تحصيل معنى المصدر من الاسم الجامد بطريقتين: إما بتقدير الكون مضافا إلى الاسم، وإما بأن تلحقه تاء التأنيث بعد نسبته. ففي تأويل: «علمت أن هذا حجر»، يقولون: علمت كون هذا حجرا، أو علمت حجرية هذا. وقس عليه أرجحية وأولوية وغيرهما. ولذلك تلقب هذه التاء بالمصدرية.
Unknown page
اكترث به
ويقولون: «لا يكترث بهذا الأمر». فيعدون «اكترث» بالباء قياسا على: عبأ وبالى. والصواب أن يعدى باللام، فيقال: لا يكترث للأمر، أي: لا يعبأ به، ولا يبالي. أما «أبه» فعندما يستعمل بهذا المعنى يعدى باللام مثل «اكثرث»، نحو: لا يؤبه له، وما أبهت له.
بكل معنى الكلمة
ويقولون: «زيد صادق بكل معنى الكلمة». وهو منقول حرفيا عن اللغات الأوربية، ويظهر فساد هذا التعبير في الألفاظ المشتركة، أي الموضوعة لمعان كثيرة، كالخال والعجوز والعين وغيرها، ولهم غنى عنه بما هو أجمل وأجزل، فيقال: «زيد صادق ناهيك من صادق، أو جد صادق، أو أي صادق، أو صادق حقا أو صادق كل الصدق» ونحو ذلك.
مجلس حسبي مصر. مدير عموم الحسابات. مفتش أول مصلحة المعارف
ويقولون: «مجلس حسبي مصر» و«مدير عموم الحسابات» و«مفتش أول مصلحة التلغرافات». وهذه التعابير كلها من اصطلاحات الكتاب في دواوين الحكومة، وهي شائعة مستفيضة في أكثر ما يكتبونه. والصواب أن يقال فيها: «مجلس مصر الحسبي» و«مدير الحسابات العام» و«مفتش مصلحة التلغرافات الأول».
جراح
ويقولون: «فلان من كبار الجراحين». فيستعملون صيغة فعال من جرح للدلالة على من يعالج الجراح والبثور والدمامل بالشق والبتر والبضع. والمسموع عن العرب: «جراحي»، وصناعته الجراحة. وجمعه: جراحيون.
جواب. مرسول ردا على جواب ذاك الطرف
ويقولون: «مرسول ردا على جواب ذاك الطرف أحد مرفوقاته». وهو أيضا من مصطلحات كتاب الدواوين، فيستعملون اسم المفعول من «رسل» وهو ممات، والمستعمل «أرسل» من باب أفعل، والاسم منه رسالة. أما «رسول» بمعنى مرسل، فأصله مصدر من الفعل الثلاثي الممات. ويستعملون الرد بمعنى الجواب أو الإجابة، مع أن الرد معناه الإرسال فقط. يقال: رد إليه جوابا، أي: أرسل به. ويستعملون الجواب - وأحيانا الخطاب - بمعنى الكتاب أو الرسالة، وكلاهما في غير محله. أما استعمال: «ذاك الطرف» الضخم الثقيل، فإن ضمير المخاطب - مفردا أو جمعا - يغني عنه. ويستعملون «مرفوقات» و«مرفقات» بمعنى: ملحقات، كأنهم يزعمون أن الفعل رفق وأرفق بمعنى صحب وأصحب. ولم يسمع عن العرب من هذه المادة ما يقرب من هذا المعنى سوى باب فاعل؛ يقال: رافقه، أي: صار رفيقه. والصواب أن يقال في هذه الجملة كلها: «مرسل جوابا عن كتابكم الملحق أو أحد الملحقات».
Unknown page