﴿وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ﴾ وَالْحَاسِدُ: هُوَ الَّذِي يُحِبُّ زَوَالَ النِّعْمَةِ عَنِ الْمَحْسُودِ فَيَسْعَى فِي زَوَالِهَا بِمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنَ الْأَسْبَابِ، فَاحْتِيجَ إِلَى الِاسْتِعَاذَةِ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّهِ، وَإِبْطَالِ كَيْدِهِ، وَيَدْخُلُ فِي الْحَاسِدِ: الْعَايِنِ، لِأَنَّهُ لَا تَصْدُرُ الْعَيْنُ إِلَّا مِنْ حَاسِدٍ شِرِّيرِ الطَّبْعِ، خَبِيثِ النَّفْسِ، فَهَذِهِ السُّورَةُ، تَضَمَّنَتِ الِاسْتِعَاذَةَ مِنْ جَمِيعِ أَنْوَاعِ الشُّرُورِ، عُمُومًا وَخُصُوصًا. وَدَلَّتْ عَلَى أَنَّ السِّحْرَ لَهُ حَقِيقَةٌ يُخْشَى مِنْ ضَرَرِهِ، وَيُسْتَعَاذُ بِاللَّهِ مِنْهُ وَمِنْ أَهْلِهِ" (^١).
ثالثًا: تفسير سورة الناس
قال السعدي ﵀: وَهَذِهِ السُّورَةُ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى الِاسْتِعَاذَةِ بِرَبِّ النَّاسِ وَمَالِكِهِمْ وَإِلَهِهِمْ، مِنَ الشَّيْطَانِ الَّذِي هُوَ أَصْلُ الشُّرُورِ كُلِّهَا وَمَادَّتِهَا، الَّذِي مِنْ فِتْنَتِهِ وَشَرِّهِ، أَنَّهُ ﴿يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ﴾، فَيُحَسِّنُ لَهُمُ الشَّرَّ، وَيُرِيهِمْ إِيَّاهُ فِي صُورَةٍ حَسَنَةٍ، وَيُنَشِّطُ إِرَادَتَهُمْ لِفِعْلِهِ، وَيُثَبِّطُهُمْ عَنِ الْخَيْرَ، وَيُرِيهِمْ إِيَّاهُ فِي صُورَةٍ غَيْرِ صُورَتِهِ، وَهُوَ دَائِمًا بِهَذِهِ الْحَالِ يُوَسْوِسُ وَيَخْنَسُ، أَيْ: يَتَأَخَّرُ إِذَا ذَكَرَ الْعَبْدُ رَبَّهُ وَاسْتَعَانَ عَلَى دَفْعِهِ.
(^١) تفسير السعدي (٢/ ١٣٠٨) [سورة الفلق].