وإنك لتعد بين المعجبين بجيتي عقولا وقرائح يفرق بينها ما يفرق بين القطبين النقيضين في التفكير، فهناك كارليل وبيرون وأمرسون وماتيو أرنولد وتنيسون ومرديث، وهناك سان بيف ورومان رولان وأندريه جيد وموروا، وهناك ماتسيني وجيوفاني جنتيل وبراندو مازريك ومرجكفسكي وتاغور، وهناك ماركس وأنجيل ونتشه وهاوبتمان ولدفج وتوماس مان، وبين هؤلاء الإنجليزي والأمريكي والفرنسي والروسي والهندي وأهل الشمال وأهل الجنوب، وبينهم المتصوف والمتطرف وعاشق المثل الأعلى وطالب الواقع القريب، وبينهم الشاب والشيخ والقديم والحديث والشاعر والفيلسوف، وكلهم يجد في جيتي بغية ويلمس فيه عظمة ويستريح منه إلى جانب ويأخذ منه بنصيب، وتلك أيضا دولة في عالم الثقافة لا تفتح إلا لأفذاذ الفاتحين.
هذا هو التقدير، وهذه هي العظمة، وهذا هو الخلود.
مختارات متفرقة
الحكماء والشعب
في هذه القطعة تمثيل صحيح لطريقة جيتي في التسليم وتبسيط الحقائق الكبرى بردها إلى المحسوسات القريبة واجتناب المعضلات من أهون سبيل مع شيء من السخر والسكينة ، وفي القطعة صدق حكاية لأساليب الحكماء الأقدمين في ردودهم المبهمة على المسائل العويصة، ولهذا اخترناها من بين «لواذعه».
أبيمنيدس :
هلم يا إخوان، نجتمع في الغاب، فهذا الشعب مقبل، يتوافد من الشمال والجنوب ومن الشرق والغرب، يبغي العلم في غير كلفة فأعدوا له القوارع الشداد!
الشعب :
أي هؤلاء الحالمون الذاهبون في الخيال! حدثونا اليوم حديثا مبينا من غير لبس ولا محال، قولوا، أهذا الوجود قديم؟
أنا كساجورس :
Unknown page