75

Taczim Qadr Salat

تعظيم قدر الصلاة

Investigator

د. عبد الرحمن بن عبد الجبار الفريوائي

Publisher

مكتبة الدار

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٠٦ هـ

Publisher Location

المدينة المنورة

، وَجَمِيعِ أَعْمَالِ الدُّنْيَا مِنَ الِالْتِفَاتِ، وَالْأَفْعَالِ بِالْجَوَارِحِ إِلَّا بِالصَّلَاةِ وَحْدَهَا، وَمِنَ التَّفَكُّرِ إِلَّا فِيمَا يَتْلُو وَيَقُولُ، إِلَّا أَنَّ الْعَمَلَ فِي الصَّلَاةِ بِغَيْرِهَا مُخْتَلِفٌ فِي الضَّرَرِ فِي الدِّينِ، فَمِنْهُ مَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ، وَمِنْهُ مَا يَلْزَمُ بِهِ سُجُودُ السَّهْوِ، وَمِنْهُ مَا يَكُونُ مَنْقُوصًا مِنَ الثَّوَابِ عَلَى صَلَاتِهِ، إِلَّا أَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ مُجْتَمِعُونَ عَلَى أَنَّهُ إِذَا شَغَلَ جَارِحَةً مِنْ جَوَارِحِهِ بِعَمَلٍ مِنْ غَيْرِ عَمَلِ الصَّلَاةِ، أَوْ بِفِكْرٍ، وَشَغَلَ قَلْبَهُ بِالنَّظَرِ فِي غَيْرِ أَمْرِ الصَّلَاةِ، أَنَّهُ مَنْقُوصٌ مِنْ ثَوَابِ مَنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ تَارِكًا جُزْءًا مِنْ تَمَامِ صَلَاتِهِ وَكَمَالِهَا، فَالْمُصَلِّي كَأَنَّهُ لَيْسَ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي شَيْءٍ مِنْهَا، إِذَا كَانَ بِجَمِيعِ قَلْبِهِ وَجَمِيعِ بَدَنِهِ فِي الصَّلَاةِ، فَكَأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْأَرْضِ، إِلَّا أَنَّ ثُقْلَ بَدَنِهِ عَلَيْهَا، وَذَلِكَ أَنَّهُ يُنَاجِي الْمَلِكَ الْأَكْبَرَ، فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَخْلِطَ مُنَاجَاةَ الْإِلَهِ الْعَظِيمِ بِغَيْرِهَا، وَكَيْفَ يَفْعَلُ ذَلِكَ وَالنَّبِيُّ ﷺ قَدْ أَخْبَرَ أَنَّ اللَّهَ مُقْبِلٌ عَلَيْهِ بِوَجْهِهِ، فَكَيْفَ يَجُوزُ لِمَنْ صَدَّقَ بِأَنَّ اللَّهَ مُقْبِلٌ عَلَيْهِ بِوَجْهِهِ أَنْ يَلْتَفِتَ أَوْ يَغِيبَ أَوْ يَتَفَكَّرَ أَوْ يَتَحَرَّكَ بِغَيْرِ مَا يُحِبُّ الْمُقْبِلُ عَلَيْهِ بِوَجْهِهِ، لِأَنَّ اشْتِغَالَهُ فِي صَلَاتِهِ بِغَيْرِهَا مِنَ الِالْتِفَاتِ أَوِ الْعَبَثِ أَوِ التَّفَكُّرِ فِي شَيْءٍ مِنَ الدُّنْيَا هُوَ إِعْرَاضٌ عَمَّنْ أَقْبَلَ عَلَيْهِ، وَمَا يَقْوَى قَلْبُ عَاقِلٍ لَبِيبٍ أَنْ يُقْبِلَ عَلَيْهِ مِنَ الْخَلْقِ مَنْ لَهُ عِنْدَهُ قَدْرٌ فَيَرَاهُ يُوَلِّي عَنْهُ بِمَعْنًى مِنَ الْمَعَانِي، وَكُلُّ مُقْبِلٍ سِوَى اللَّهِ لَا يَطَّلِعُ عَلَى ضَمِيرِ مَنْ وَلَّى عَنْهُ بِضَمِيرِهِ، وَاللَّهُ تَعَالَى مُقْبِلٌ عَلَى الْمُصَلِّي بِوَجْهِهِ، يَرَى إِعْرَاضَهُ بِضَمِيرِهِ، وَبِكُلِّ جَارِحَةٍ مِنْ جَوَارِحِهِ، سِوَى صَلَاتِهِ الَّتِي أَقْبَلَ عَلَيْهِ بِوَجْهِهِ مِنْ

1 / 172