299

Al-taʿlīq ʿalā al-Muwaṭṭaʾ fī tafsīr lughātih wa-ghawāmiḍ iʿrābih wa-maʿānīh

التعليق على الموطأ في تفسير لغاته وغوامض إعرابه ومعانيه

Editor

الدكتور عبد الرحمن بن سليمان العثيمين (مكة المكرمة - جامعة أم القرى)

Publisher

مكتبة العبيكان

Edition

الأولى

Publication Year

١٤٢١ هـ - ٢٠٠١ م

Publisher Location

الرياض - المملكة العربية السعودية

Genres

مَقْسُوْمٌ ثَلاثَةً فَمُقَدَّمُهُ لِلْقُوَّةِ المُتَخَيِّلَةِ، وأَوْسَطُهُ لِلْقُوَّةِ المُفكِّرَةِ، وآخِرُهُ لِلْقُوَّةِ الذَّاكِرَةِ، ونَظِيرُ هَذَا في المَجَازِ قَوْلُهُ ﷺ: "ذَاكَ رَجُلٌ بَال الشَّيطَانُ فِي أُذُنِهِ" ولَيسَ هُنَاكَ بَوْلٌ في الحَقِيقَةِ، ولَكِنْ لَمَّا أَفْسَدَ عَلَيهِ أَمْرَهُ شَبَّه ذلِكَ بالبَوْلِ الَّذِي يَقَعُ في الشَّيءِ فَيُفْسِدَهُ، وخَصَّ الأُذُنَ؛ لأنَّهُ المَوْضِعُ الَّذي يُنَاجَى مِنْهُ الإنْسَانَ حَتَّى يُخْدَعَ عَمَّا يَعْتَقِدُهُ، والعَرَبُ تَسْتَعْمِلُ البَولَ بِمَعْنَى الفَسَادِ، قَال الرَّاجِزُ (١):
إِذَا رَأَيتَ أَنْجُمًا مِنَ الأسَدْ
جَبْهَتَهُ أَو الخَرَاةَ والكَتَدْ
بَال سُهَيلٌ فِي الفَضِيخِ فَفَسَدْ
وَطَابَ أَلْبَانُ اللَّقَاحِ فَبَرَدْ
الفَضِيخُ: شَرَابٌ يُصْنَعُ مِنَ التَّمْرِ (٢)، ويَفْسُدُ عِنْدَ طُلُوْعِ سُهَيلٍ، فَلَمَّا كَانَ سُهَيلٌ يُفْسِدُهُ بِطُلُوعِهِ جَعَلَهُ كَأَنَّهُ قَدْ بَال فِيهِ، وَعَلَى هَذَا المَعْنَى يَتَوَجَّهُ قَوْلُ الفَرَزْدقِ

(١) الأبياتُ في اللِّسان (كَتَدَ) عن ثَعْلَبٍ. والأخير فيه (فَضَخَ).
(٢) يُراجع: "تنبِيهُ البَصَائِرِ في أَسْمَاءِ أُمِّ الكَبَائِرِ" لابنِ دِحْيَةَ، و"الجَلِيسُ الأَنِيسُ في أَسْمَاءِ الخَنْدَرِيسِ" للفَيرُوزآبادِيِّ. قَال ابنُ دِحْيةَ: "ثَبَتَ في الضَحِيحَينِ عن أَنَسِ بنِ مَالِكٍ أَن الخَمْرَ لَمَّا حُرِّمَتْ كَانَت "الفَضِيخ" لَمْ يَكُنْ لَهُمْ شَرَابٌ غَيرَهَا، والفَضِيخُ: بُسْرٌ يُشْدَخُ أي: يُفْضَخُ ويُنْبَذُ حَتَّى يُسْكِرَ في سُرْعَةٍ مِنْ غَيرِ أَنْ تَمَسَّه النَّارُ، وَقَدْ ذَكَرْنَا ذلِكَ في صَحِيحِ الآثَارِ، ورِوَايَةِ عُلَمَاءِ الأمْصَارِ في كِتَابِ "وَهْجِ الجَمْرِ في تَحْرِيمِ الخَمْرِ" والكِتَابُ المَذْكُوْرُ اطَّلعتُ عليه وهو عِنْدِي ولله المِنَّةُ. وقَال الفَيرُوزآبَادِيُّ: "قَال الجَوْهَرِيُّ: الفَضِيخُ شَرَابٌ يُتَّخَذُ مِنَ البُسْرِ ... والفَضِيخُ أَيضًا من اللَّبَنِ ... وَهُوَ الَّذِي غَلَبَ عليه المَاءُ، حَكَاهُ الصَّغَانِيُّ". يُراجع: الصِّحَاح، وتكمِلة الصَّحاح للصَّغَاني (فَضَخَ) وزَادَ الصَّغَانِيُّ ﵀: "والفَضُوْخُ: الشَّرَابُ الَّذِي يُفْضَخُ شَارِبَهُ أَي: يُسْكِرُهُ ويَكْسُرُهُ".

1 / 207