287

Al-taʿlīq ʿalā al-Muwaṭṭaʾ fī tafsīr lughātih wa-ghawāmiḍ iʿrābih wa-maʿānīh

التعليق على الموطأ في تفسير لغاته وغوامض إعرابه ومعانيه

Editor

الدكتور عبد الرحمن بن سليمان العثيمين (مكة المكرمة - جامعة أم القرى)

Publisher

مكتبة العبيكان

Edition

الأولى

Publication Year

١٤٢١ هـ - ٢٠٠١ م

Publisher Location

الرياض - المملكة العربية السعودية

Genres

الخَيرَ فَيَدَعَهُ حَيَاءَ مِنَ النَّاسِ، كَأَنَّه يَخَافُ مَذْهب الرِّيَاءِ فَيقُوْلُ: فَلَا يَمنَعُكَ الحَيَاءُ مِنَ المُضِيِّ لِمَا أَرَدْتَ. قَال أَبُو عُبَيدٍ: والَّذِي ذَهبَ إِلَيهِ جَرِيرٌ مَعنًى صَحِيحٌ، وَهُوَ شَبِيهٌ بالحَدِيثِ الآخرِ: "إِذَا جَاءَكَ الشَّيطَانُ وأنْتَ تُصَلِّي فَقَال: إِنَّكَ تُرَائي فَزِدها طُوْلًا"، وَكَذلِكَ قَال الحَسَنُ: مَا أَحَدٌ أَرَانِي شَيئًا مِنَ الخَيرِ إلَّا سَارَ في قَلْبِهِ سَوْرَتَانِ فَإِذَا كَانَتِ الأوْلَى مِنْهُمَا للهِ فَلَا تَهِيدَنَّهُ الآخِرَةِ. أَي: لَا تَصْرِفَنَّهُ عَنْ مَا هُوَ فِيهِ، فَهذَا وَجْهٌ.
- والوَجْهُ الآخِرُ: أَنْ يَكُوْنَ خَرَجَ مَخْرَجَ الأمرِ وَمَعنَاهُ الخَبَرُ والشَّرطُ، والمُرَادُ مِنْ لَمْ يَسْتَحيي صَنَعَ مَا شَاءَ، كَمَا قَال ﷺ: "مِنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيتبَوَّأ مَقْعَدَهُ مِنَ النار" إِنَّمَا المَعْنَى: مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا تَبَوَّأ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ فَهُوَ خَبَرٌ وجَزَاءٌ وَرَدَ بِلَفْظِ الأمرِ، وَكَذلِكَ الأمرُ يَرِدُ بلَفْظِ الخَبَرِ في قَوْلهِ [تَعَالى] (١): ﴿يُرضعنَ أَولَادَهُنّ﴾ فَكَذلِكَ هذَا. وَمِنَ الأمرِ الَّذِي مَعنَاهُ الخَبَرُ والشَّرطُ قَوْلُهُ [تَعَالى] (٢): ﴿قُل أَنفِقُوا طَوْعًا أَوْ كَرهًا﴾ مَعنَاهُ: إِنْ أَنْفَقْتم لَمْ يُقْبَلْ مِنكم، وَمِنْهُ قَوْلُ كُثيرٍ (٣):
أَسِيئي بِنَا أَوْ أحسِنِي لا مَلُوْمَةٌ ... لَدَينَا ولا مَقْلِيّةٌ إِنْ تَقَلَّتِ
لَمْ يَأْمُرَها بِالإسَاءَةِ إِلَيهِ والإحسَانِ، وإِنَّمَا أَخْبَرَ أنها إِنْ أَسَاءَتْ أَوْ أحسَنَتْ لَمْ يَلمها عَلَى فِعلِهِ.

(١) سورة البقرة، الآية: ٢٣٣.
(٢) سورة التوبة، الآية: ٥٣.
(٣) ديوانه (١٠١).

1 / 195