256

Al-taʿlīq ʿalā al-Muwaṭṭaʾ fī tafsīr lughātih wa-ghawāmiḍ iʿrābih wa-maʿānīh

التعليق على الموطأ في تفسير لغاته وغوامض إعرابه ومعانيه

Editor

الدكتور عبد الرحمن بن سليمان العثيمين (مكة المكرمة - جامعة أم القرى)

Publisher

مكتبة العبيكان

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٢١ هـ - ٢٠٠١ م

Publisher Location

الرياض - المملكة العربية السعودية

Genres

والعِظَمِ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّعبِيِّ (١) لِعَبْدِ المَلِكِ بنِ مَروَانَ -وَهُوَ يَعنِي مَلِكِ الرُّوْمِ-: "إِنَّمَا كَثُرَتْ في عَينهِ؛ لأنَّه لَمْ يَرَكَ" ومِنْهُ قَولُ العبَّاسِ بنِ مردَاس (٢):
فَإِنْ أَكُ فِي شِرَارِكُمُ قَلِيلًا ... فَإنِّي في خِيَارِكُمُ كَثيرُ
وَالثَّالِثُ: أَنْ تكُوْنَ بِمَعْنَى الفَقْرِ [تَقُولُ]: فُلانٌ يَشْكُو القِلَّةَ.
وَالرَّابعُ: أَنْ تكوْنَ بِمَعْنَى النَّفْيِ، يُقَالُ: قَلَّ رَجُلٌ يَقُوْلُ ذلِكَ إِلَّا زَيدًا، أَي: مَا يَقُوْلُ ذلِكَ إلَّا زَيدا.
- وَقَوْلُهُ: "وَمَا مِنْ دَابة إلا وَهِيَ مُصِيخَةٌ" [١٦]. أَي: مُسْتَمِعَةٌ، وهذِه مَسْألةٌ مِنَ العَرَبِيّة فِيها إِشْكَالٌ؛ لأنَّ قَوْلَهُ: "مِنْ دَابَّةِ" مَجْرُوْرٌ في مَوْضع رَفْعٍ بالابْتِدَاءِ، فَإِنْ جَعَلْتَ قَوْلَهُ: "وَهِيَ مُصِيخَةٌ" في مَوْضِعِ خَبَرِهِ كَانَ خَطَأ؛ لأنَّ

(١) هو عامُرُ بنُ شَرَاحِيلِ بنِ عَبْدِ بن ذِي كِبَار، وذُو كِبَارٍ، قَيل من أَقْيَالِ اليَمَنِ، أَبُو عَمرٍو الهمدَانِي، ثُمَّ الشَّعبِي، من كبارِ التَّابِعِين. رَوَى عَنْهُ أَنّه قَال: أَدْرَكْتُ خَمسَمَائَةِ من أصحَابِ النَّبيِّ ﷺ. قَال ابنُ عُيَينَةَ: "عُلَمَاءُ النَاسِ ثَلاثَةُ: ابنُ عبّاسٍ في زَمَانِهِ، والشعبي في زَمَانِهِ، والثورِي في زَمَانِهِ" (ت ١٠٥ هـ). أخْبَارُهُ في: طبقَات ابن سعد (٦/ ٢٤٦)، وتاريخ البُخَاري (٦/ ٤٥٠)، وأخبارُ القُضاة (٢/ ٤١٣)، وسير أعلام النُّبلاء (٤/ ٢٩٤)، والشَّذَرَات (١/ ١٢٦). وَرَوَى الحَافِظُ الذَّهبي في سير أعلام النّبلاء عن ابنِ عَائِشَة: وَجَّه عَبدُ المَلِكِ بنِ مَروَان الشعبِي إلى مَلِكِ الرُّوْمِ -يَعني رَسُوْلا- فلَمَّا انْصَرَفَ من عِندهِ قَال: يَا شعبي أتَدرِي مَا كَتَبَ بِهِ إلى مَلِكَ الرُّوْم؟ قَال: وَمَا كَتَبَ بِهِ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِين؟ قَال: كُنْتُ أتعَجبُ لأهْلِ دِيَانَتِكَ كَيفَ لَمْ يَسْتَخْلِفُوا عَلَيهِم رَسُوْلَكَ، قُلْتُ: يَا أَمِيرَ المُؤمِنِين: لأنَّه رَآني وَلَم يَرَكَ. أَوْرَدَها الأصمَعي وفيها: قال: يَا شعبي إِنَّمَا أَرَادَ أَن يُغْريني بِقَتْلِكَ، فَبَلَغَ ذلِكَ مَلِكُ الرُّوْمِ فَقَال: للهِ أَبُوْهُ واللهِ مَا أَردتُ إلَّا ذَاكَ".
(٢) ديوانه (٦٠).

1 / 162