* أشْلَيتُ عَنْزِي وَمَسَحْتُ قَعْبِي *
والقَعْبُ: القِدْحُ، يُرِيدُ إِنَّه غَسَلَ قِدْحَهُ لِيَحْلِبَ. وَقَدْ حَكَى أَبُو زَيدٍ (١) أَنَّ العَرَبَ تَقُوْلُ: تَمَسَّحْتَ لِلصَّلَاةِ: إِذَا تَوَضَّأَتَ لَهَا، فَلَمَّا كَانَتِ الوَاوُ إِنَّمَا تُوْجِبُ الشَّرِكَةَ في نَوع الفِعْلِ وَجِنْسِهِ لَا فِي كَيفِيَّتِهِ وكَمِّيَّتِهِ، وَكَانَ النَّضْحُ والغَسْلُ كِلَاهُمَا (٢) يُسَمَّى مَسْحًا عُطِفَتِ الأَرْجُلُ عَلَى الرُّؤُوْسِ، وإِنْ اخْتَلَفَتْ الكَمِّيَّتَانِ والكَيفِيَّتَانِ، كَمَا جَازَ أَنْ يُقَال: أَعْطَيتُ زَيدًا وعَمْرًا في المَسْأَلةِ المَذْكُوْرَةِ؛ لأنَّ النَّضْحَ جُزْءٌ مِنَ الغَسْلِ، كَمَا أَنَّ الدِّرْهَمَ جُزْءٌ من المَائِةِ، فَهَذَا أَحْسَنُ تَأْويلٍ حُمِلَتْ عَلَيهِ؛ لأنَّه جَارٍ مَجْرَى كَلَامِ العَرَبِ الفَصِيحِ الذِي لَا يُمْكِنُ أَحَدٌ دَفْعَهُ، فَأمَّا حَمْلُهُ عَلَى الجِوَارِ فَهُوَ غَلَطٌ؛ لأنَّهُ لَا خِلَافَ بَينَ النَّحْويِّينَ في أنَّ الخَفْضَ عَلَى الجِوَارِ خَارِجٌ عَنِ القِيَاسِ، دَاخِلٌ في بَابِ الشُّذُوْذِ، وَجمِيع مَا أَنْشَدُوْهُ عَلَى أَنَّه مَخْفُوْضٌ عَلَى الجِوَارِ أَوْ حَكَوْهُ يُمْكِنُ تَأْويلُهُ عَلَى غَيرِ مَا قَالُوْهُ، وإِنَّمَا غَلِطَ مَنْ غَلِطَ في هَذَا؛ لأنَّهم لَمَّا سَمِعُوا النَّحْويِّينَ يَقُوْلُوْنَ: الوَاوُ تُشْرِكُ الأوَّلَ مَعَ الثَّانِي لَفْظًا ومَعْنَى، ظَنُّوا أَنَّه يَلْزَمُ مِنْ ذلِكَ تَسَاويهِمَا فِي الكَمِّيَّة والكَيفِيَّةِ، فَهَذَا مَا يَقْتَضِيهِ لِسَانُ العَرَبِ، وقَدْ جَاءَ في حَدِيثِ الصُّنَابِحِيُّ (٣) "خَرَجَتْ الخَطَايَا مِنْ