وَحُجَّةُ مَنْ قَال بِخِلافِ قَوْلِ مَالِكٍ، قَوْلُهُ [تَعَالى] (١): ﴿ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيلِ﴾ واللَّيلُ لَيسَ بِدَاخِلٍ في الصِّيَامِ، وَالقَوْلُ الأوَّلُ أَصَحُّ؛ لأنَّ مَا بَعْدَ "إِلَى" إِنَّمَا يَمْتَنِعُ مِنَ الدُّخُوْلِ فِيمَا قَبْلَهَا إِذَا كَانَ مِن غَيرِ جِنْسِهِ. وأَمَّا إِذَا كَانَ مِن جِنْسِهِ فَبَابُهُ، أَنْ يَكُوْنَ دَاخِلًا فِيمَا قَبْلَهُ حَتَّى يَقُوْمَ دَلِيلٌ عَلَى غَيرِ ذلِكَ، أَلا تَرَى أَنَّ البَصْرِيِّينَ قَدْ أَجَازُوا ضَرَبْتُ القَوْمَ حَتَّى زَيدٍ ضَرَبْتُهُ بالخَفْضِ، وَقَالُوا: يُجْعَلُ ضَرَبْتُهُ تَوْكِيدًا، بَعْدَ مَا مَضَى كَلامُكَ عَلَى الخَفْضِ، ولَوْلَا أَنَّ زَيدًا قَدْ دَخَلَ في المَضْرُوْبِينَ لَمْ يَصِحَّ أَنْ يَكُوْنَ تَوْكِيدًا، وَمَعَ هَذَا فَإِنَّ مَا بَعْدَ "إِلَى" لَمَّا كَانَ قَدْ يَجُوْزُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ دَاخِلًا فِيمَا قَبْلَهُ، وَقَدْ يَجُوْزُ أَنْ لَا يَكُوْنَ، كَانَ إِدْخَالُ المِرْفَقَينِ في الغَسْلِ أَحْوَطَ وأَرْفَعَ للشُّبْهَةِ، والخِلافُ في الكَعْبَينِ كَهُوَ في المِرْفَقَينِ، وَذَكَرَ أَنَّ الوَاوَ العَاطِفَةَ لا تُعْطِي رُتْبَةً إِذَا لَمْ يَكُنْ في الكَلامِ دَلِيلٌ عَلَى ذلِكَ، وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ اللهِ تَعَالى (٢): ﴿وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ﴾ وفي مَوْضِعَ آخَرَ (٣): ﴿وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبَابَ﴾، وَقَال أَبُو كَبْشَةَ (٤):