Clarification of the Realities: Commentary on Treasure of Minutes with Shalabi's Marginalia

Fakhr Din Zaylaci d. 743 AH
88

Clarification of the Realities: Commentary on Treasure of Minutes with Shalabi's Marginalia

تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي

Publisher

المطبعة الكبرى الأميرية

Edition Number

الأولى

Publication Year

1314 AH

Publisher Location

القاهرة

وَالْخُطَبِ الَّتِي فِي الْحَجِّ وَغَيْرِهَا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يُصَلِّي الدَّاخِلُ تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ لِمَا رُوِيَ أَنَّهُ ﵊ «كَانَ يَخْطُبُ فَدَخَلَ رَجُلٌ فِي هَيْئَةٍ بَذَّةٍ فَأَمَرَهُ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ» وَلَنَا النُّصُوصُ الْوَارِدَةُ فِي فَرْضِيَّةِ الِاسْتِمَاعِ عَلَى مَا نُبَيِّنُهَا فِي مَوْضِعِهَا وَالتَّنَفُّلُ يُخِلُّ بِالِاسْتِمَاعِ فَيَحْرُمُ فَلَا يُعَارِضُهَا خَبَرُ الْوَاحِدِ؛ وَلِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ فَرْضٌ وَهُوَ يَحْرُمُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لِقَوْلِهِ ﵊ فِيمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُمَا «إذَا قُلْت لِصَاحِبِك أَنْصِتْ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَقَدْ لَغَوْت» فَمَا ظَنُّك بِالنَّفْلِ؛ وَلِأَنَّ الْمُحَرِّمَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمُبِيحِ فَوَجَبَ تَرْكُهُ وَلَيْسَ فِيمَا رُوِيَ دَلَالَةٌ أَيْضًا عَلَى أَنَّهُ ﵇ كَانَ يَخْطُبُ وَقْتَ مَا صَلَّى بَلْ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ ﵊ أَمْسَكَ عَنْهَا حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهَا بَلْ هُوَ الظَّاهِرُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ ﵊ تَكَلَّمَ مَعَهُ حِينَ أَمَرَهُ بِهَا وَالْأَمْرُ كَلَامٌ وَالْكَلَامُ يُنَافِي الْخُطْبَةَ فَكَانَ ﵊ أَرَادَ أَنْ يُشْهِرَهُ لِيُرَى حَالُهُ مِنْ الْفَاقَةِ وَالْبَذَاذَةِ لِيُعْتَبَرَ بِهِ أَوْ لِيُتَصَدَّقَ عَلَيْهِ وَأَمْهَلَهُ حَتَّى يَفْرُغَ فَإِذَا احْتَمَلَ ذَلِكَ فَلَا يُتْرَكُ الْمَقْطُوعُ بِهِ بِالْمُحْتَمِلِ. قَالَ ﵀ (وَعَنْ الْجَمْعِ بَيْنَ صَلَاتَيْنِ فِي وَقْتٍ بِعُذْرٍ) يَعْنِي مَنَعَ عَنْ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ بِسَبَبِ الْعُذْرِ احْتَرَزَ بِقَوْلِهِ فِي وَقْتٍ عَنْ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا فِعْلًا بِأَنْ صَلَّى كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا فِي وَقْتِهَا بِأَنْ يُصَلِّيَ الْأُولَى فِي آخِرِ وَقْتِهَا وَالثَّانِيَةَ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا فَإِنَّهُ جَمْعٌ فِي حَقِّ الْفِعْلِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ جَمْعًا فِي الْوَقْتِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ بِعُذْرٍ عَنْ الْجَمْعِ فِي عَرَفَةَ وَالْمُزْدَلِفَةِ فَإِنَّ ذَلِكَ يَجُوزُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِعُذْرٍ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَبَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِعُذْرِ الْمَطَرِ وَالْمَرَضِ وَالسَّفَرِ لِحَدِيثِ أَبِي الطُّفَيْلِ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ «أَنَّهُ ﵊ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ إذَا ارْتَحَلَ قَبْلَ أَنْ تَزِيغَ الشَّمْسُ أَخَّرَ الظُّهْرَ حَتَّى يَجْمَعَهَا مَعَ الْعَصْرِ فَيُصَلِّيهِمَا جَمِيعًا وَإِذَا ارْتَحَلَ بَعْدَ زَيْغِ الشَّمْسِ صَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا، ثُمَّ سَارَ وَكَانَ إذَا ارْتَحَلَ قَبْلَ الْمَغْرِبِ أَخَّرَ الْمَغْرِبَ حَتَّى يُصَلِّيَهَا مَعَ الْعِشَاءِ وَإِذَا ارْتَحَلَ بَعْدَ الْمَغْرِبِ عَجَّلَ الْعِشَاءَ فَصَلَّاهَا مَعَ الْمَغْرِبِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ وَقَالَ نَافِعٌ كَانَ ابْنُ عُمَرَ إذَا جَدَّ بِهِ السَّيْرُ جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بَعْدَ أَنْ يَغِيبَ الشَّفَقُ. وَيَقُولُ «إنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ إذَا جَدَّ بِهِ السَّيْرُ جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَعَنْ أَنَسٍ «أَنَّهُ ﵊ كَانَ إذَا عَجَّلَ السَّيْرَ يُؤَخِّرُ الظُّهْرَ إلَى أَوَّلِ وَقْتِ الْعَصْرِ فَيَجْمَعُ بَيْنَهُمَا وَيُؤَخِّرُ الْمَغْرِبَ حَتَّى يَجْمَعَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعِشَاءِ حِينَ يَغِيبُ الشَّفَقُ» وَقَالَتْ عَائِشَةُ ﵂ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُؤَخِّرُ الظُّهْرَ وَيُقَدِّمُ الْعَصْرَ وَيُؤَخِّرُ الْمَغْرِبَ وَيُقَدِّمُ الْعِشَاءَ» وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ مِثْلُهُ وَلَنَا النُّصُوصُ الْوَارِدَةُ بِتَعْيِينِ الْأَوْقَاتِ نَحْوَ قَوْله تَعَالَى ﴿أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ﴾ [الإسراء: ٧٨] إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْآيَاتِ وَالْأَخْبَارِ فَلَا يَجُوزُ تَرْكُهُ إلَّا بِدَلِيلٍ مِثْلِهِ وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ ﵁ «وَاَلَّذِي لَا إلَهَ غَيْرُهُ مَا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ صَلَاةً قَطُّ إلَّا لِوَقْتِهَا إلَّا صَلَاتَيْنِ جَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بِعَرَفَةَ وَبَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِجَمْعٍ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ «مَا جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ قَطُّ فِي السَّفَرِ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً»؛ وَلِأَنَّ التَّأْخِيرَ حَتَّى يَخْرُجَ وَقْتُ الْأُولَى وَتَدْخُلُ الثَّانِيَةُ تَفْرِيطٌ وَقَدْ قَالَ ﵊ «لَيْسَ فِي النَّوْمِ تَفْرِيطٌ إنَّمَا التَّفْرِيطُ فِي الْيَقَظَةِ بِأَنْ يُؤَخِّرَ الصَّلَاةَ إلَى وَقْتِ الْأُخْرَى» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَقَدْ قَالَ ذَلِكَ وَهُوَ مُسَافِرٌ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ الْمُسَافِرَ وَالْمُقِيمَ فَعُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّهُ ﵊ لَمْ يَجْمَعْ احْتِرَازًا عَنْ التَّفْرِيطِ وَتَأْوِيلُ مَا رُوِيَ مِنْ الْجَمْعِ إنْ صَحَّ أَنَّهُ ﵊ «صَلَّى الظُّهْرَ فِي آخِرِ وَقْتِهِ وَالْعَصْرَ فِي أَوَّلِ وَقْتِهِ، وَكَذَا فَعَلَ بِالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ» فَيَصِيرُ جَامِعًا فِعْلًا لَا وَقْتًا وَيُحْمَلُ تَصْرِيحُ الرَّاوِي بِخُرُوجِ وَقْتِ الْأُولَى عَلَى أَنَّهُ تَجُوزُ لِقُرْبِهِ مِنْهُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ﴾ [الطلاق: ٢] أَيْ قَارَبْنَ بُلُوغَ الْأَجَلِ إذْ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْإِمْسَاكِ بَعْدَ بُلُوغِ الْأَجَلِ أَوْ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّ الرَّاوِي ظَنَّ ذَلِكَ. وَنَظِيرُهُ مَا رُوِيَ عَنْ «إمَامَةِ جِبْرِيلَ ﵇ أَنَّهُ صَلَّى بِالنَّبِيِّ ﷺ الظُّهْرَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي فِي الْوَقْتِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ عَصْرَ أَمْسٍ» أَيْ قَرِيبًا مِنْهُ أَوْ ظَنَّ الرَّاوِي أَنَّهُمَا وَقَعَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ هَذَا التَّأْوِيلِ مَا رَوَى ابْنُ جَابِرٍ عَنْ نَافِعٍ قَالَ خَرَجْت مَعَ ابْنِ عُمَرَ فِي سَفَرِهِ وَغَابَتْ الشَّمْسُ فَلَمَّا أَبْطَأَ قُلْت الصَّلَاةَ يَرْحَمُك اللَّهُ فَالْتَفَتَ إلَيَّ وَمَضَى حَتَّى إذَا كَانَ فِي آخِرِ الشَّفَقِ نَزَلَ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ، ثُمَّ أَقَامَ ــ [حاشية الشِّلْبِيِّ] قَوْلُهُ: لِمَا رُوِيَ أَنَّهُ ﵊ كَانَ يَخْطُبُ فَدَخَلَ رَجُلٌ فِي هَيْئَةٍ بَذَّةٍ) الْبَذَاذَةُ التَّوَاضُعُ فِي اللُّبْسِ وَعَدَمُ الزِّينَةِ وَفِي الْحَدِيثِ الْبَذَاذَةُ مِنْ الْإِيمَانِ. اهـ. غَايَةٌ. (قَوْلُهُ: مِثْلَ مَا صَنَعْت وَهَذَا) أَيْ قَوْلُهُ: ثُمَّ انْتَظَرَ حَتَّى غَابَ الشَّفَقُ وَصَلَّى الْعِشَاءَ أَصْرَحُ فِي الْفَصْلِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ مِنْ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ حَيْثُ لَمْ يُصَرِّحْ فِيهِ بِالِانْتِظَارِ اهـ. (قَوْلُهُ: تُحْرَجَ أُمَّتُهُ) أَيْ تَقَعُ فِي الْحَرَجِ.

1 / 88