Tabsirat Hukkam
تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام
Publisher
مكتبة الكليات الأزهرية
Edition Number
الأولى
Publication Year
1406 AH
Publisher Location
مصر
Genres
Maliki Jurisprudence
وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ، وَالصُّلْحُ جَائِزٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ إلَّا صُلْحًا أَحَلَّ حَرَامًا أَوْ حَرَّمَ حَلَالًا، لَا يَمْنَعُكَ قَضَاءٌ قَضَيْتَهُ بِالْأَمْسِ ثُمَّ رَاجَعْت فِيهِ نَفْسَك وَهُدِيتَ فِيهِ لِرُشْدِك أَنْ تُرَاجِعَ الْحَقَّ فَإِنَّ الْحَقَّ وَمُرَاجَعَتَهُ خَيْرٌ مِنْ الْبَاطِلِ وَالتَّمَادِي فِيهِ، الْفَهْمَ فِيمَا تَلَجْلَجَ فِي صَدْرِكَ مِمَّا لَمْ يَبْلُغْكَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، اعْرَفْ الْأَمْثَالَ وَالْأَشْبَاهَ وَقِسْ الْأُمُورَ عِنْدَك وَاعْمِدْ إلَى أَحَبِّهَا إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَأَشْبَهِهَا بِالْحَقِّ فِيمَا تَرَى، وَاجْعَلْ لِلْمُدَّعِي حَقًّا غَائِبًا أَوْ بَيِّنَةً أَجَلًا يَنْتَهِي إلَيْهِ فَإِنْ أَحْضَرَ بَيِّنَتَهُ أَخَذَ بِحَقِّهِ، وَإِلَّا وَجَّهْت عَلَيْهِ الْقَضَاءَ، فَإِنَّ ذَلِكَ أَجْلَى لِلْعَمَى، وَأَبْلَغُ فِي الْعُذْرِ، وَالْمُسْلِمُونَ عُدُولٌ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إلَّا مَجْلُودًا فِي حَدٍّ أَوْ مُجَرَّبًا عَلَيْهِ شَهَادَةُ الزُّورِ أَوْ ظِنِّينًا فِي وَلَاءٍ أَوْ نَسَبٍ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى تَوَلَّى مِنْكُمْ السَّرَائِرَ وَدَرَأَ عَنْكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَالْأَيْمَانِ، وَإِيَّاكَ وَالْقَلَقَ وَالضَّجَرَ وَالتَّأَذِّي بِالنَّاسِ وَالتَّنَكُّرَ لِلْخُصُومِ فِي مَوَاطِنِ الْحَقِّ الَّتِي يُوجِبُ اللَّهُ بِهَا الْأَجْرَ وَيُحْسِنُ بِهَا الذُّخْرَ، فَإِنَّهُ مَنْ يُصْلِحُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ وَلَوْ عَلَى نَفْسِهِ يَكْفِهِ اللَّهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ، وَمَنْ تَزَيَّنَ لِلنَّاسِ بِغَيْرِ مَا يَعْلَمُ اللَّهُ مِنْهُ شَانَهُ اللَّهُ، فَمَا ظَنُّك بِثَوَابِ اللَّهِ تَعَالَى فِي عَاجِلِ رِزْقِهِ وَخَزَائِنِ رَحْمَتِهِ وَالسَّلَامُ.
تَنْبِيهٌ قَالَ ابْنُ سَهْلٍ وَقَوْلُ عُمَرَ ﵁ فِي هَذِهِ الرِّسَالَةِ " الْمُؤْمِنُونَ عُدُولٌ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ " رَجَعَ عُمَرُ ﵀ عَنْ ذَلِكَ بِمَا رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ، قَالَ رَبِيعَةُ قَدِمَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ﵁ فَقَالَ قَدْ جِئْتُك بِأَمْرٍ لَا رَأْسَ لَهُ وَلَا ذَنَبَ فَقَالَ عُمَرُ وَمَا هُوَ فَقَالَ: شَهَادَاتُ الزُّورِ ظَهَرَتْ بِأَرْضِنَا، فَقَالَ عُمَرُ ﵁ لَا يُؤْسَرُ رَجُلٌ فِي الْإِسْلَامِ بِغَيْرِ الْعُدُولِ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى رُجُوعِهِ عَمَّا فِي هَذِهِ الرِّسَالَةِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ نَقَلَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ عُمَرَ ﵁ وَذُكِرَ عَنْ الْحَسَنِ وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ مِنْ التَّابِعِينَ الْأَخْذُ بِمَا فِي هَذِهِ الرِّسَالَةِ فِي أَمْرِ الشُّهُودِ، وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى خِلَافِهِ بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى ﴿وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ﴾ [الطلاق: ٢] وقَوْله تَعَالَى ﴿مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ﴾ [البقرة: ٢٨٢] .
[فَصْلٌ فِيمَا يَلْزَمُ الْقَاضِي مِنْ خَاصَّةِ نَفْسِهِ]
فَصْلٌ: فِيمَا يَلْزَمُهُ مِنْ خَاصَّةِ نَفْسِهِ قَالَ ابْنُ الْمُنَاصِفِ فِي " تَنْبِيهِ الْحُكَّامِ " وَاعْلَمْ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى مَنْ تَوَلَّى الْقَضَاءَ أَنْ يُعَالِجَ نَفْسَهُ وَيَجْتَهِدَ فِي صَلَاحِ حَالِهِ، وَيَكُونَ ذَلِكَ مِنْ أَهَمِّ مَا يَجْعَلُهُ مِنْ بَالِهِ فَيَحْمِلُ نَفْسَهُ عَلَى أَدَبِ الشَّرْعِ وَحِفْظِ الْمُرُوءَةِ وَعُلُوِّ الْهِمَّةِ
1 / 31