93

Tabsira

التبصرة

Publisher

دار الكتب العلمية

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م

Publisher Location

بيروت - لبنان

وَكَانَ بَيْنَ الطُّوفَانِ وَمَوْلِدِ إِبْرَاهِيمَ أَلْفُ سَنَةٍ وَتِسْعٌ وَسَبْعُونَ. وَقِيلَ أَلْفٌ وَمِائَتَا سَنَةٍ وَثَلاثٌ وَسِتُّونَ، وَذَلِكَ بَعْدَ خَلْقِ آدَمَ ﵇ بثلاثة آلاف سنة وثلاثمائة وَسَبْعٍ وَثَلاثِينَ سَنَةً. وَلَمَّا أَرَادَ اللَّهُ ﷿ إِيجَادَ إِبْرَاهِيمَ ﵇ قَالَ الْمُنَجِّمُونَ لِنُمْرُودَ: إِنَّا نَجِدُ فِي عِلْمِنَا أَنَّ غُلامًا يُولَدُ فِي قَرْيَتِكَ هَذِهِ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ، يُفَارِقُ دِينَكُمْ وَيَكْسِرُ أَوْثَانَكُمْ فِي شَهْرِ كَذَا وَكَذَا مِنْ سَنَةِ كَذَا وَكَذَا. فَلَمَّا دَخَلَتِ السَّنَةُ الْمَذْكُورَةُ بَعَثَ نُمْرُودُ إِلَى كُلِّ امْرَأَةٍ حَامِلٍ بِقَرْيَتِهِ فَحَبَسَهَا عِنْدَهُ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِحَبَلِ أُمِّ إِبْرَاهِيمَ، فَجَعَلَ لا يُولَدُ غُلامٌ فِي ذَلِكَ الشَّهْرِ إِلا ذَبَحَهُ، فَلَمَّا أَخَذَ أُمُّ إِبْرَاهِيمَ الطَّلْقُ خَرَجَتْ لَيْلا إِلَى مَغَارَةٍ فَوَلَدَتْ فِيهَا إِبْرَاهِيمَ وَأَصْلَحَتْ مِنْ شَأْنِهِ، ثُمَّ سَدَّتْ عَلَيْهِ بَابَ الْمَغَارَةِ ثُمَّ رَجَعَتْ إِلَى بَيْتِهَا، وَذَلِكَ بِمَدِينَةِ كُوثَى، وَكَانَتْ تَتَرَدَّدُ إِلَيْهِ فَتَرَاهُ يَمُصُّ إِبْهَامَهُ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ رِزْقَهُ فِي ذَلِكَ، وَكَانَ آزَرُ قَدْ سَأَلَهَا عَنْ حَمْلِهَا فَقَالَتْ: وَلَدْتُ غُلامًا فَمَاتَ. فَسَكَتَ عَنْهَا. وَقِيلَ: بَلْ أَخْبَرَتْهُ فَأَتَاهُ فَحَفَرَ لَهُ سَرَبًا وَسَدَّ عَلَيْهِ بِصَخْرَةٍ، وَكَانَتْ أُمُّهُ تَخْتَلِفُ إِلَى رَضَاعِهِ. فَلَمَّا تَكَلَّمَ قَالَ لأُمِّهِ: مَنْ رَبِّي؟ قَالَتْ: أَنَا. قَالَ: فَمَنْ رَبُّكِ؟ قَالَتْ: أَبُوكَ. قَالَ: فَمَنْ رَبُّ أَبِي؟ قَالَتْ لَهُ: اسْكُتْ. فَسَكَتَ فَرَجَعَتْ إِلَى زَوْجِهَا فَقَالَتْ لَهُ: إِنَّ الْغُلامَ الَّذِي كُنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّهُ يُغَيِّرُ دِينَ أَهْلِ الأَرْضِ هُوَ ابْنُكَ. فَأَتَاهُ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ. فَدَنَا [إِبْرَاهِيمُ ﵇] بِاللَّيْلِ مِنْ بَابِ السَّرَبِ فَرَأَى كَوْكَبًا، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ الزُّهْرَةُ. قَالَ: وَكَانَ لَهُ حِينَئِذٍ سَبْعُ سِنِينَ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: هُوَ الْمُشْتَرِي. فَقَالَ: هَذَا رَبِّي [أَيْ عَلَى زَعْمِكُمْ] فَلَمَّا خَرَجَ كَانَ أَبُوهُ يَصْنَعُ الأَصْنَامَ وَيَقُولُ لَهُ بِعْهَا. فَيَأْخُذُ الصَّنَمَ وَيَخْرُجُ فَيَقُولُ: مَنْ يَشْتَرِي مَا يَضُرُّهُ وَلا يَنْفَعُهُ! فَشَاعَ بَيْنَ النَّاسِ اسْتِهْزَاؤُهُ بِالأَصْنَامِ. وَجَعَلَ يَقُولُ لِقَوْمِهِ: ﴿مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أنتم لها عاكفون﴾ أَيْ مُقِيمُونَ عَلَى عِبَادَتِهَا ﴿قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءَنَا لها عابدين﴾ أَيْ إِنَّا نَقْتَدِي بِهِمْ وَنُقَلِّدُهُمْ.

1 / 113