Tabsira
التبصرة
Publisher
دار الكتب العلمية
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م
Publisher Location
بيروت - لبنان
(إِلَى الْفَنَاءِ وَإِنْ طَالَتْ سَلامَتُهُمْ ... مَصِيرُ كُلِّ بَنِي أُمٍّ وَإِنْ كَثُرُوا)
(وَالْمَرْءُ مَا عَاشَ فِي الدُّنْيَا لَهُ أَمَلٌ ... إِذَا انْقَضَى سَفَرٌ منهما أَتَى سَفَرُ)
(لَهَا حَلاوَةُ عَيْشٍ غَيْرُ دَائِمَةٍ ... وَفِي الْعَوَاقِبِ مِنْهَا الْمُرُّ وَالصَّبِرُ)
(إِذَا قَضَتْ زُمَرٌ آجَالَهَا نَزَلَتْ ... عَلَى مَنَازِلِهَا مِنْ بَعْدِهَا زمر)
(وليس بزجركم مَا تُوعَظُونَ بِهِ ... وَالْبُهْمُ يَزْجُرُهَا الرَّاعِي فَتَنْزَجِرُ)
(مَا لِي أَرَى النَّاسَ وَالدُّنْيَا مُوَلِّيَةٌ ... وَكُلُّ جِيلٍ عَلَيْهَا سَوْفَ يَنْبَتِرُ)
(لا يَشْعُرُونَ بِمَا فِي دِينِهِمْ نَقَصُوا ... جَهْلا وَإِنْ نَقَصَتْ دُنْيَاهُمُ شَعَرُوا)
يَا مُتَحَيِّرًا فِي طَرِيقِهِ قَدْ بَانَ الْبَيَانُ، يَا بَلِيدَ الاعْتِبَارِ وَقَدْ أَنْذَرَهُ الأَقْرَانُ، يَا مَنْ تَقْرَعُ قَلْبَهُ الْمَوَاعِظُ وَهُو قَاسٍ مالأن، لَوْ حَضَرَتْ بِالذِّهْنِ كَفَاكَ زَجْرُ الْقُرْآنِ.
كَتَبَ زر بن حبش إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ: لا يُطْمِعَنَّكَ فِي طُولِ الْحَيَاةِ مَا تَرَى مِنْ صِحَّةِ بَدَنِكَ وَاذْكُرْ قَوْلَ الأَوَّلِ:
(إِذَا الرِّجَالُ وَلَدَتْ أَوْلادَهَا ... وَبَلِيَتْ مِنْ كِبَرٍ أَجْسَادُهَا)
(وَجَعَلَتْ أَسْقَامُهَا تَعْتَادُهَا ... تِلْكَ زُرُوعٌ قَدْ دَنَا حَصَادُهَا)
فَلَمَّا قَرَأَ الْكِتَابَ بَكَى حَتَّى بُلَّ طَرَفُ ثَوْبِهِ.
كَانَ الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ يَقُولُ: أَمَّا بَعْدُ فَأَعِدَّ زَادَكَ وَجِدَّ فِي جَهَازِكَ، وَكُنْ وَصِيَّ نَفْسِكَ.
وَكَانَ إِذَا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ لا يَنَامُ، فَتُنَادِيهِ أُمُّهُ: أَلا تَنَامُ؟ فَيَقُولُ: يَا أُمَّاهُ مَنْ جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ وَهُو يَخَافُ الْبَيَاتَ حَقٌّ لَهُ أَنْ لا يَنَامَ!
فَلَمَّا بَلَغَ وَرَأَتْ مَا يَلْقَى مِنَ الْبُكَاءِ وَالسَّهَرِ قَالَتْ: يَا بُنَيَّ لَعَلَّكَ قَتَلْتَ قَتِيلا! فَقَالَ: نَعَمْ يَا أُمَّاهُ. فَقَالَتْ: وَمَنْ هَذَا الْقَتِيلُ، فَلَوْ عَلِمَ أَهْلُهُ مَا تَلْقَى مِنَ الْبُكَاءِ وَالسَّهَرِ لَرَحِمُوكَ. فَقَالَ: هِيَ نَفْسِي!
وَقَالَتْ لَهُ ابْنَتُهُ: يَا أَبَتِ أَلا تَنَامُ؟ فَقَالَ: يَا بُنَيَّةُ إِنَّ جَهَنَّمَ لا تَدَعُنِي أَنَامُ!
أَيُّهَا الْغَافِلُ زَاحِمْ أَهْلَ الْعَزْمِ وَبَادِرْ، فَكَأَنَّ قَدْ نَزَلَ بِكَ مَا تَخَافُ وَتُحَاذِرُ،
1 / 109