Tabsira
التبصرة
Publisher
دار الكتب العلمية
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م
Publisher Location
بيروت - لبنان
" نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ ".
وَكَانَ الأَسْوَدُ بْنُ يَزِيدَ يَصُومُ حَتَّى يَصْفَرَّ وَيَخْضَرَّ، وَحَجَّ ثَمَانِينَ حِجَّةً.
وَصَامَ مَنْصُورُ بْنُ الْمُعْتَمِرِ أَرْبَعِينَ سَنَةً وَقَامَ لَيْلَهَا، وَكَانَ يَبْكِي طُولَ اللَّيْلِ، فَقَالَتْ لَهُ أُمُّهُ: يَا بُنَيَّ لَعَلَّكَ قَتَلْتَ قَتِيلا؟ فَيَقُولُ: أَنَا أَعْلَمُ بِمَا صَنَعَتْ نَفْسِي:
(جَنَحَتْ شمسُ حَيَاتِي ... وَتَدَلَّتْ لِلْغُرُوبِ)
(وَتَوَلَّى ليلُ رَأْسِي ... وَبَدَا فَجْرُ الْمَشِيبِ)
(ربِّ خَلِّصْنِي فَقَدْ لَجَجْتُ ... فِي بَحْرِ الذُّنُوبِ)
(وأنلني العفو يا أقرب ... رب من كل قريب)
الكلام على قوله تعالى:
﴿قل انظروا ماذا في السماوات والأرض﴾
سُبْحَانَ مَنْ أَظْهَرَ الْعَجَائِبَ فِي مَصْنُوعَاتِهِ، وَدَلَّ على عظمته بمبتدعاته، وحث على تصفيح عِبَرِهِ وَآيَاتِهِ، وَأَظْهَرَ قُدْرَتَهُ فِي الْبِنَاءِ وَالنَّقْضِ، والهشيم والغض، ﴿قل انظرو ماذا في السموات والأرض﴾ .
سَعِدَ مَنْ تَدَبَّرَ، وَسَلِمَ مَنْ تَفَكَّرَ، وَفَازَ مَنْ نَظَرَ وَاسْتَعْبَرَ، وَنَجَا مِنْ بَحْرِ الْهَوَى مَنْ تَصَبَّرَ، وَهَلَكَ كُلَّ الْهَلاكِ وَأَدْبَرَ، مَنْ نَسِيَ الْمَوْتَ مَعَ الشَّعْرِ الْمُبْيَضِّ ﴿قُلِ انْظُرُوا ماذا في السماوات والأرض﴾ .
يَا أَرْبَابَ الْغَفْلَةِ اذْكُرُوا، يَا أَهْلَ الإِعْرَاضِ احْضُرُوا، يَا غَافِلِينَ عَنِ الْمُنْعِمِ اشْكُرُوا، يَا أَهْلَ الْهَوَى خَلُّوا الْهَوَى وَاصْبِرُوا، فَالدُّنْيَا قَنْطَرَةٌ فَجُوزُوا وَاعْبُرُوا، وَتَأَمَّلُوا هِلالَ الْهُدَى فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا، فَقَدْ نَادَى مُنَادِي الصَّلاحِ حَيَّ عَلَى الْفَلاحِ، فَأَسْمَعَ أَهْلَ الطُّولِ وَالْعَرْضِ ﴿قُلِ انظروا ماذا في السماوات والأرض﴾ .
1 / 64