Al-Tabsira
التبصرة
Publisher
دار الكتب العلمية
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م
Publisher Location
بيروت - لبنان
عَبَّادَةُ أُمُّ جَعْفَرِ بْنِ يَحْيَى بْنِ خَالِدٍ. فَسَلَّمْتُ عَلَيْهَا وَرَحَّبْتُ بِهَا، وَقُلْتُ: يَا خَالَةُ، حَدِّثِينِي بِبَعْضِ أَمْرِكُمْ. قَالَتْ: أَذْكُرُ جُمْلَةً فِيهَا اعْتِبَارٌ وَمَوْعِظَةٌ لِمَنْ فَكَّرَ، هَجَمَ عَلَيَّ مِثْلُ هذا العيد وعلى رأسي أربعمائة وصيفة وأنا أزعم أن ابني جعفر عاق لي وقد دفع إلي خمسمائة دِينَارٍ، وَقَالَ أَنْفِقِي هَذِهِ فِي عِيدِكُمْ، وَأَنَا الآنَ قَدْ أَتَيْتُكُمْ وَالَّذِي يُقَنِّعُنِي جِلْدُ شَاتَيْنِ أَجْعَلُ أَحَدَهُمَا شِعَارًا وَالآخَرَ دِثَارًا.
أَيُّ مُطْمَئِنٍّ لَمْ يُزْعَجْ، أَيُّ قَاطِنٍ لَمْ يَخْرُجْ، إِخْوَانِي قَدْ عُرِفَ الْمَنْهَجُ، زَالَ الشَّكُّ وَالْحَقُّ أَبْلَجُ، إِخْوَانِي فَرَسُ الرَّحِيلِ مُسْرَجٌ، وَإِلَى بَوَادِي الْقُبُورِ الْمَخْرَجُ، وَالنَّعْشُ الْمَرْكُوبُ بَعْدَ الْهَوْدَجِ، وَالْعَرَقُ يَكُونُ صَرْفًا لا يُمْزَجُ، مَا هَتَفَ الْمَوْتُ بِمُقِيمٍ إِلا أَدْلَجَ، وَلا اسْتَدْعَى نُطْقَ فَصِيحٍ إِلا لَجْلَجَ. إِخْوَانِي: مَا جَرَى عَلَى الإِخْوَانِ أُنْمُوذَجٌ.
(ركنوا إلى الدنيا الدنية ... وتبوأوا الرُّتَبَ السَّنِيَّةْ)
(حَتَّى إِذَا اغْتَرُّوا بِهَا ... صَرَعَتْهُمْ أَيْدِي الْمَنِيَّةْ)
سَلُوا عَنِ الْجِيرَانِ الْمَنَازِلَ، وَقُولُوا لَهَا أَيْنَ النَّازِلُ، لا وَاللَّهِ مَا تُجِيبُ السَّائِلَ، بَلَى إِنَّ الْبِلَى يَنْطِقُ بِالْبَلابِلِ. إِخْوَانِي: الدُّنْيَا ظِلٌّ زَائِلٌ وَحَالٌ حَائِلٌ، وَرُكْنٌ مَائِلٌ وَرَفِيقٌ خَاذِلٌ، وَمَسْئُولٌ بَاخِلٌ، وَغُولٌ غَائِلٌ، وَسُمٌّ قاتل، كم تعد الدينا وَتُمَاطِلُ كُلُّ وُعُودِهَا غُرُورٌ بَاطِلٌ. وَاللَّهِ مَا فرح بها عاقل، مسكرها لا يَمُرُّ عَلَى لُقْمَانَ بَلْ عَلَى بَاقِلٍ.
(خليلي كم مَيِّتٍ قَدْ حَضَرْتُهُ ... وَلَكِنَّنِي لَمْ أَنْتَفِعْ بِحُضُورِي)
(وَكَمْ مِنْ خُطُوبٍ قَدْ طَوَتْنِي كَثِيرَةً ... وَكَمْ مِنْ أُمُورٍ قَدْ جَرَتْ وَأُمُورُ)
(وَمَنْ لَمْ يزده الدهر ما عَاشَ عِبْرَةً ... فَذَاكَ الَّذِي لا يَسْتَنِيرُ بِنُورِ)
1 / 278