Tabsira
التبصرة
Publisher
دار الكتب العلمية
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م
Publisher Location
بيروت - لبنان
(تَغَيَّرَ كُلُّ ذِي طَعْمٍ وَلَوْنٍ ... وَقَلَّ بَشَاشَةُ الْوَجْهِ الْمَلِيحْ)
وَأَوْصَى آدَمُ بَنِي هَابِيلَ أَلا يُنَاكِحُوا بَنِي قَابِيلَ، وَشَاعَتِ الْمَعَاصِي فِي أَوْلادِ قَابِيلَ، وَهُمُ الَّذِينَ غَرِقُوا فِي زَمَنِ نُوحٍ، وَانْقَرَضَ جَمِيعُ نَسْلِ بَنِي آدَمَ سِوَى نَسْلِ شِيثَ، وَكَانَ شِيثُ وَصِيَّ آدَمَ، وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ خَمْسِينَ صَحِيفَةً. وَأَقَامَ بِمَكَّةَ يَحُجُّ وَيَعْتَمِرُ، وَبَنَى الْكَعْبَةَ بِالْحِجَارَةِ وَالطِّينِ، فَلَمَّا احْتُضِرَ أَوْصَى إِلَى ابْنِهِ أنوشَ، وَأَنوشُ أَوَّلُ مَنْ غَرَسَ النخل، وعاش تسعمائة سَنَةٍ وَخَمْسَ سِنِينَ، وَوُلِدَ لَهُ قينَانُ، فَأَوْصَى إِلَيْهِ أنوشُ، وَوُلِدَ لقينَانَ مهْلاييلُ فَأَوْصَى إِلَيْهِ، وولد لمهلابيل يردُ فَأَوْصَى إِلَيْهِ، وَوُلِدَ ليردَ إِدْرِيسُ ﵇.
وَفِي زَمَنِ يردَ عُبِدَتِ الأَصْنَامُ.
وَسَبَبُ ذَلِكَ مَا أَنْبَأَنَا بِهِ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ المبارك، أبنأنا الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، أَنْبَأَنَا أَبُو جَعْفَرِ بْنُ الْمُسْلِمَةِ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِمْرَانَ الْمَرْزُبَانِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجَوْهَرِيُّ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ خَلِيلٍ الْقَتِيرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ الصَّبَّاحِ، أَنْبَأَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ، قَالَ أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄، قَالَ: كَانَ بَنُو شِيثَ يَأْتُونَ جَسَدَ آدَمَ وَهُوَ فِي مَغَارَةٍ فَيُعَظِّمُونَهُ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي قَابِيلَ: يَا بَنِي قَابِيلَ إِنَّ لبني شيث ذوارا يدورون حوله ويعظمونه وليس لكم شئ، فَنَحَتَ لَهُمْ صَنَمًا.
وَأَخْبَرَنِي أَبِي قَالَ: كَانَ وَدٌّ وسُواعَ وَيَغُوثُ ويَعوق وَنَسْرٌ قَوْمًا صَالِحِينَ، فَمَاتُوا فِي شَهْرٍ، فَجَزِعَ عَلَيْهِمْ ذَوُو أَقَارِبِهِمْ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي قَابِيلَ: هَلْ لَكُمْ يَا قَوْمِ أَنْ أَعْمَلَ لَكْمُ خَمْسَةَ أَصْنَامٍ عَلَى صُوَرِهِمْ؟ [قَالُوا: نَعَمْ. فَنَحَتَ لَهُمْ خَمْسَةَ أصنام عل صُوَرِهِمْ] فَكَانَ الرَّجُلُ يَأْتِي أَخَاهُ وَعَمَّهُ وَابْنَ عَمِّهِ، فَيُعَظِّمُهُ وَيَسْعَى حَوْلَهُ حَتَّى ذَهَبَ ذَلِكَ الْقَرْنُ، وَجَاءَ قَرْنٌ آخَرُ فَعَظَّمُوهُمْ أَشَدَّ مِنْ تَعْظِيمِ الْقَرْنِ الأَوَّلِ، ثُمَّ جَاءَ الْقَرْنُ الثَّالِثُ، فَقَالُوا: مَا عَظَّمَ أَوَّلُونَا هَؤُلاءِ إِلا وَهُمْ يَرْجُونَ شَفَاعَتَهُمْ، فَعَبَدُوهُمْ وَعَظَّمُوا أَمْرَهُمْ، وَاشْتَدَّ كُفْرُهُمْ، فَبَعَثَ اللَّهُ ﷿ إِلَيْهِمْ
1 / 44