234

Al-Tabsira

التبصرة

Publisher

دار الكتب العلمية

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م

Publisher Location

بيروت - لبنان

وَرَدُوا إِلَيْهِ أَكْرَمَ وُرُودٍ، وَأَمِنُوا فِي وِصَالِهِمْ عَائِقُ الصُّدُودِ، وَأَتْعَبُوا الأَعْضَاءَ فِي خِدْمَتِهِ وَالْجُلُودَ، فَمَنَحَهُمْ طِيبَ الْعَيْشِ فِي جَنَّاتِ الْخُلُودِ ﴿فِي سدر مخضود﴾ .
تَصَافَوْا فَاصْطَفُّوا فِي خِدْمَتِهِ كَالْجُنُودِ، وَاسْتَلُّوا سُيُوفَ الْجِهَادِ مِنَ الْغُمُودِ، وَقَمَعُوا بِالصِّدْقِ الْعَدُوَّ الْكَنُودَ، وأرغموا بِسَبْقِهِمْ أَنْفَ الْحَسُودِ، فَخَصَّهُمْ مَوْلاهُمْ بِالْفَضْلِ وَالسُّعُودِ ﴿في سدر مخضود﴾ .
طَلَبُوا بِالصِّدْقِ الصَّادِقَ الْوَدُودَ، وَسَعَوْا إِلَيْهِ يَسْأَلُونَ إِنْجَازَ الْوُعُودِ، وَطَمِعُوا فِي كَرَمِهِ أَنْ يَتَفَضَّلَ وَيَعُودَ، وَأَسْبَلُوا دُمُوعَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ عَلَى الْخُدُودِ، فَيَا لَنَعِيمِهِمْ وَأَطْيَبُ مِنْهُ الْخُلُودُ ﴿فِي سِدْرٍ مخضود﴾ .
شَكَرُوا مَنْ أَخْرَجَهُمْ مِنَ الْعَدَمِ إِلَى الْوُجُودِ، وَتَفَضَّلَ عَلَيْهِمْ بِكُلِّ خَيْرٍ وَجُودٍ، وَعَلِمُوا أَنَّ الإخلاص هو المقصود، فاستعدوا وأوعدوا لليوم المشهود ﴿في سدر مخضود﴾ .
تَمَكَّنُوا بِالْكِتَابِ الْقَديِمِ، وَطَلَبُوا مِنَ الْمُنْعِمِ الْكَرِيمِ أَنْ يَعُمَّهُمْ بِالْفَضْلِ وَالتَّكْرِيمِ، فَمَنَّ عَلَيْهِمْ بِالْخَيْرِ الْعَمِيمِ، فَهُمْ فِي الْجِنَانِ فِي أَحْلَى نَعِيمٍ، عِنْدَ مَلِكٍ كَبِيرٍ عَظِيمٍ، لَيْسَ بِوَالِدٍ وَلا مولود ﴿في سدر مخضود وطلح منضود﴾ .
أَعَدَّ لَهُمْ أَوْفَى الذَّخَائِرِ، وَهَذَّبَ مِنْهُمُ الْبَوَاطِنَ والظواهر، وَجَعَلَهُمْ بَيْنَ عِبَادِهِ كَالنُّجُومِ الزَّوَاهِرِ، وَبَنَى لَهُمُ الْغُرَفَ بِاللُّؤْلُؤِ وَالْجَوَاهِرِ، فَهُمْ فِي مَجْدٍ كَرِيمٍ وَسَعْدٍ غَيْرِ مَحْدُودٍ ﴿فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ وَطَلْحٍ منضود﴾ .
اسْتَزَارَهُمْ إِلَى جَنَّتِهِ، وَخَصَّهُمْ بِكَرَامَتِهِ، وَأَنْعَمَ عَلَيْهِمْ بِرُؤْيَتِهِ وَجَعَلَهُمْ فِي حِصْنٍ حَصِينٍ مِنْ رِعَايَتِهِ، فِي ظِلِّ نَعِيمٍ دَائِمٍ مَمْدُودٍ ﴿فِي سِدْرٍ مخضود وطلح منضود﴾ .
طَالَ مَا حَمَلُوا تَكْلِيفَهُ وَاسْتَقَلُّوا، وَسَعَوْا إِلَى مراضيه فما ضلوا، وتفيأوا

1 / 254