214

Al-Tabsira

التبصرة

Publisher

دار الكتب العلمية

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م

Publisher Location

بيروت - لبنان

وُجُوهٌ طَالَ مَا غَسَلَتْهَا دُمُوعُ الأَحْزَانِ، وُجُوهٌ طَالَ مَا غَبَّرَتْهَا حُرُقَاتُ الأَشْجَانِ، وُجُوهٌ تُخْبِرُ عَنِ الْقُلُوبِ إِخْبَارَ الْعُنْوَانِ، حَرَسُوا الْوَقْتَ بِالْيَقَظَةِ وَحَفِظُوا الزَّمَانَ، وَشَغَلُوا الْعُيُونَ بِالْبُكَاءِ وَالأَلْسُنَ بِالْقُرْآنِ، فإذا رَأَيْتَهُمْ يَوْمَ الْجَزَاءِ رَأَيْتَ الْفَوْزَ الْعَظِيمَ ﴿تَعْرِفُ في وجوههم نضرة النعيم﴾ .
وُجُوهٌ مَا تَوَجَّهَتْ لِغَيْرِي وَلا اسْتَدَارَتْ، وَأَقْدَامٌ إِلَى غَيْرِ مَا يُرْضِينِي مَا سَارَتْ،
وَعُزُومٌ لِغَيْرِ مَرْضَاتِي مَا ثَارَتْ، وَقُلُوبٌ بِغَيْرِي قَطُّ مَا اسْتَجَارَتْ، وَأَفْئِدَةٌ بِغَيْرِ ذِكْرِي مَا اسْتَنَارَتْ، وَلَوْ رَأَتْ عُيُونُ الْغَافِلِينَ مَا أَعْدَدْتُ لَهُمْ لَحَارَتْ مِنْ فَضْلٍ عَظِيمٍ وَمُلْكٍ جَسِيمٍ ﴿تَعْرِفُ في وجوههم نضرة النعيم﴾ .
أَشْرَقَتْ وُجُوهُهُمْ فِي الدُّنْيَا بِحُسْنِ الْمُجَاهَدَةِ، وَتُشْرِقُ وُجُوهُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِالْقُرْبِ وَالْمُشَاهَدَةِ، أَشْرَقَتْ وُجُوهُهُمْ فِي اللَّيْلِ بِنُورِ السَّهَرِ، وَتُشْرِقُ غَدًا بِمُشَاهَدَةِ الْحَقِّ إِذَا ظَهَرَ، أَشْرَقَتْ وُجُوهُهُمْ فِي الدُّنْيَا بِجَرَيَانِ الدُّمُوعِ عَلَى الْخُدُودِ، وَتُشْرِقُ غَدًا فِي جنان الخلود، فإذا رَأَيْتَهُمْ فِي سُرُورٍ مَا فِيهِ مَا يُضِيمُ ﴿تعرف في وجوههم نضرة النعيم﴾ .
قوله تعالى: ﴿يسقون من رحيق مختوم﴾ فِي الرَّحِيقِ ثَلاثَةُ أَقْوَالٍ، أَحَدُهَا: أَنَّهُ الْخَمْرُ. قاله ابن عباس. وفي صفة الْخَمْرِ الْمُسَمَّاةِ بِالرَّحِيقِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا: أَنَّهَا أَجْوَدُ الْخَمْرِ. قَالَهُ الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ. وَالثَّانِي: الْخَالِصَةُ مِنَ الْغِشِّ. قَالَهُ الأَخْفَشُ. وَالثَّالِثُ: الْخَمْرُ الْبَيْضَاءُ. قَالَهُ مُقَاتِلٌ. وَالرَّابِعُ: الْخَمْرُ الْعَتِيقَةُ. قَالَهُ ابن قتيبة.

1 / 234