187

Tabsira

التبصرة

Publisher

دار الكتب العلمية

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م

Publisher Location

بيروت - لبنان

المجلس الرابع عشر
فِي ذِكْرِ قِصَّةِ شُعَيْبٍ ﵇
الْحَمْدُ للَّهِ الْقَدِيمِ فَلا يُقَالُ مَتَى كَانَ، الْعَظِيمِ فَلا يَحْوِيهِ مَكَانٌ، أَنْشَأَ آدَمَ وَأَخْرَجَ ذُرِّيَّتَهُ بِنُعْمَانَ، وَرَفَعَ إِدْرِيسَ إِلَى أَعَالِي الْجِنَانِ، وَنَجَّى نُوحًا وَأَهْلَكَ كَنْعَانَ، وَسَلَّمَ الْخَلِيلَ بِلُطْفِهِ يَوْمَ النِّيرَانِ، وَيُوسُفُ مِنَ الْفَاحِشَةِ حِينَ الْبُرْهَانِ، وَبَعَثَ شُعَيْبًا إِلَى مَدْيَنَ يَنْهَى عَنِ الْبَخْسِ وَالْعُدْوَانِ، وَيُنَادِيهِمْ فِي نَادِيهِمْ وَلَكِنْ صُمَّتِ الآذَانُ ﴿قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ﴾ .
أَحْمَدُهُ حَمْدًا يَمْلأُ الْمِيزَانَ، وَأُصَلِّي عَلَى رَسُولِهِ مُحَمَّدٍ الَّذِي فَاقَ دِينُهُ الأَدْيَانَ، وَعَلَى صَاحِبِهِ أبو بَكْرٍ أَوَّلِ مَنْ جَمَعَ الْقُرْآنَ، وَعَلَى عُمَرَ الْفَارُوقِ الَّذِي كَانَ يَفْرَقُ مِنْهُ الشَّيْطَانُ، وَعَلَى زَوْجِ الابْنَتَيْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، وَعَلَى عَلِيٍّ بَحْرِ الْعُلُومِ وَسَيِّدِ الشُّجْعَانِ، وَعَلَى عَمِّهِ الْمُسْتَسْقَى بشيبته فأقبح السَّحُّ الْهَتَّانُ.
قَالَ اللَّهُ ﷿: ﴿وَإِلَى مدين أخاهم شعيبا﴾
قَالَ قَتَادَةُ: مَدْيَنُ مَاءٌ كَانَ عَلَيْهِ قَوْمُ شُعَيْبٍ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: مَدْيَنُ هَذَا هُوَ ابْنُ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ لِصُلْبِهِ. وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الدِّمَشْقِيُّ: هُوَ مَدْيَنُ بْنُ مَدْيَانَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ.
وَالْمَعْنَى: أَرْسَلْنَا إِلَى وَلَدِ مَدْيَنَ. فَعَلَى هَذَا هُوَ اسْمُ قَبِيلَةٍ.
وَشُعَيْبُ هُوَ ابْنُ عيفَا بْنِ نويبَ بْنِ مَدْيَنَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، أَرْسَلَ إِلَى مَدْيَنَ وَهُوَ ابْنُ عِشْرِينَ سَنَةً وَكَانُوا مَعَ كُفْرِهِمْ يَبْخَسُونَ الْمَكَايِيلَ وَالْمَوَازِينَ، فَدَعَاهُمْ إِلَى

1 / 207