Tabsira
التبصرة
Publisher
دار الكتب العلمية
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م
Publisher Location
بيروت - لبنان
الصَّبْرِ، وَاقْطَعْ نَهَارَ اللأْوَاءِ بِحَدِيثِ الْفِكْرِ، وَأَوْقِدْ فِي دَيَاجِي الآلامِ مِصْبَاحَ الشُّكْرِ، وَقَلِّبْ قَلْبَكَ بين
ذكر النواب وَتَمْحِيصِ الْوِزْرِ، وَتَعَلَّمْ أَنَّ الْبَلاءَ يُمَزِّقُ رُكَامَ الذُّنُوبِ تَمْزِيقَ الشِّبَاكِ، وَيَرْفَعُ دَرَجَاتِ الْفَضَائِلِ إِلَى كَاهِلِ السَّمَّاكِ، وَمَنْ تَفَكَّرَ فِي سِرِّ: ﴿إِنَّ الله مع الصابرين﴾ . أَنِسَ بِجَلِيسِهِ، وَمَنْ تَذَكَّرَ ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أجرهم بغير حساب﴾ فرح بامتلاء كيسه.
(إذا أَنْتَ لَمْ تَرْحَلْ بِزَادٍ مِنَ التُّقَى ... وَلاقَيْتَ بَعْدَ الْمَوْتِ مَنْ قَدْ تَزَوَّدَا)
(نَدِمْتَ عَلَى أَنْ لا تَكُونَ كَمِثْلِهِ ... وَإِنَّكَ لَمْ تَرْصُدْ كَمَا كَانَ أَرْصَدَا)
سَجْعٌ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى
﴿إني جزيتهم اليوم بما صبروا﴾ للَّهِ أَقْوَامٌ امْتَثَلُوا مَا أُمِرُوا، وَزُجِرُوا عَنِ الزَّلَلِ فَانْزَجَرُوا، فَإِذَا لاحَتِ الدُّنْيَا غَابُوا وَإِذَا بَانَتِ الأُخْرَى حَضَرُوا، فَلَوْ رَأَيْتَهُمْ فِي الْقِيَامَةِ إِذَا حُشِرُوا ﴿إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا﴾ .
جَنَّ عَلَيْهِمُ اللَّيْلُ فَسَهِرُوا، وَطَالَعُوا صُحُفَ الذُّنُوبِ فَانْكَسَرُوا، وَطَرَقُوا بَابَ الْمَحْبُوبِ وَاعْتَذَرُوا، وَبَالَغُوا فِي الْمَطْلُوبِ ثُمَّ حَذِرُوا، فَانْظُرْ بِمَاذَا وُعِدُوا فِي الذِّكْرِ وَذَكَرُوا ﴿إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا﴾ .
رَبِحُوا وَاللَّهِ وَمَا خَسِرُوا، وَعَاهَدُوا عَلَى الزُّهْدِ فَمَا غَدَرُوا، وَاحْتَالُوا عَلَى نُفُوسِهِمْ فَمَلَكُوا وَأَسَرُوا، وتفقدوا أنه الْمَوْلَى فَاعْتَرَفُوا وَشَكَرُوا ﴿إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صبروا﴾ .
بُيُوتُهُمْ فِي خُلُوِّهَا كَالصَّوَامِعِ، وَعُيُونُهُمْ تَنْظُرُ بِالتُّقَى من طرف [خَاشِعٍ] وَالأَجْفَانُ قَدْ سَحَّتْ سُحُبَ الْمَدَامِعِ تَسْقِي بَذْرَ الْفِكْرِ الَّذِي بَذَرُوا ﴿إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بما صبروا﴾ .
1 / 205