The Layers of Scholars of Ifriqiya and Tunis
طبقات علماء إفريقية وتونس
Publisher
دار الكتاب اللبناني
Publisher Location
بيروت
Genres
Biographies and Classes
بِأَنَّهُ لا يَحْتَمِلُ ذِكْرَ الدُّنْيَا، وَأَسْبَابِهَا، فَلَمَّا أَكْثَرَ بَقِيَّةُ مِنْ ذِكْرِ الْمَطَرِ وَالزَّرْعِ نَهَضَ رَبَاحٌ وَجَعَلَ يَقُولُ لِلْبُهْلُولِ: سَقَطْتَ مِنْ عَيْنِي، تَذْكُرُ الدُّنْيَا فِي مَجْلِسِكَ وَلا تُنْكِرُ وَلا تُغَيِّرُ؟ فَقَالَ لَهُ الْبُهْلُولُ: مَا أُبَالِي إِذَا لَمْ أَسْقُطْ مِنْ عَيْنِ اللَّهِ، مِنْ عَيْنِ مَنْ سَقَطْتُ، فَخَرَّ رَبَاحٌ عَلَى رَأْسِ الْبُهْلُولِ يُقَبِّلُهُ وَجَعَلَ يَقُولُ لَهُ: نَعَمْ، أَحَبِيبِي، أَبُهْلُولٌ، فَلا تُبَالِ مِنْ عَيْنِ مَنْ سَقَطْتَ إِذَا لَمْ تَسْقُطْ مِنْ عَيْنِ اللَّهِ.
وَحَدَّثَنِي أَبُو عُثْمَانَ سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي دَاوُدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عُثْمَانَ حَاتِمُ بْنُ عُثْمَانَ الْمَعَافِرِيُّ، قَالَ: " خَرَجَ الْبُهْلُولُ بْنُ رَاشِدٍ ذَاتَ يَوْمٍ عَلَى أَصْحَابِهِ وَقَدْ غَطَّى خِنْصَرَهُ بِكَفِّهِ، فَأَقْبَلَ عَلَى رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَأَسَرَّ إِلَيْهِ كَلامًا دُونَ سَائِرِ أَهْلِ الْمَجْلِسِ، ثُمَّ انْصَرَفَ الرَّجُلُ، ثُمَّ عَادَ إِلَيْهِ فَكَلَّمَهُ، فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ بِكَلامٍ، فَنَحَّى الْبُهْلُولُ كَفَّهُ، عَنْ خِنْصَرِهِ، وَجَعَلَ يَقُولُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَجْعَلْنِي أَبْتَدِعُ فِي الإِسْلامِ، ثُمَّ أَقْبَلَ إِلَى الرَّجُلِ، فَقَالَ: حَدِّثِ الْقَوْمَ بِمَا كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ، فَقَالَ: أَرْسَلَنِي إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ فَرُّوخَ أَسْأَلُهُ، هَلْ كَانَ أَحَدٌ مِنَ السَّلَفِ إِذَا أَوْصَى بِحَاجَةٍ رَبَطَ فِي خِنْصَرِهِ خَيْطًا؟ فَتَوَجَّهْتُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ فَرُّوخَ، وَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: نَعَمْ، قَدْ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يَفْعَلُهُ، فَلَمَّا أَخْبَرَ الْقَوْمَ، قَالَ الْبُهْلُولُ: إِنَّ أَهْلِي سَأَلُونِي فِي حَاجَةٍ فَرَبَطْتُ فِي خِنْصَرِي خَيْطًا لأَذْكُرَهَا، ثُمَّ خِفْتُ أَنْ أَكُونَ ابْتَدَعْتُ، فَلَمَّا أَخْبَرَنِي أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَفْعَلُهُ حَمِدْتُ اللَّهَ إِذْ لَمْ أَكُنِ ابْتَدَعْتُ بِدْعَةً.
1 / 53